وبعد أن أنفض الفرح وذهب المعازيم وهدأت
الدار وخلت على العروسين مشكاح وريما..جلست ريما فى ركن الغرفة وقد كساها الخجل
الأنثوى فى هذا الموقف الذى تقابله لأول مره فى حياتها.. منتظره أن يبدأ مشكاح فى
الكلام وفعل العرسان ولكنه وضع ذراعيه خلف ظهره وظل يأخذ الغرفة جيئة وذهاباً
وعينا ريما تتابعه فى قلقل وقد أخذت بنفسها الظنون بعد أن طال الصمت وحركة مشكاح
المقلقه التى لا تبعث على الأرتياح وهى تقول فى نفسها يا قلة حظك ياريما بعد طول أنتظار
لعريس يفك البوار ترسى فى الأخر على هذا المشكاح .. تبقى نصيبه يابت ياريما أن
يطلع من الرجاله بتوع الفراخ البيضا ويطلع فسكونيا..(وتضحك فى صمت هئ هئ ) وبعد
نصف ساعة من هذا القلق لم تتحمل ريما فصرخت فيه بأعلى صوتها : بس خيالتنى تك داهية
تخيلك فيه أيه يا مشكاح ..أستنى هنا وكلمنى ..يقف مشكاح وهو مطئطئ الرأس ومازال
يعقد ذراعيه خلف ظهره
ريما : أنت عيان ..توء توء ..أنت زعلان لأنك
أتجوزتنى ..توء توء .. البدله ضيقه عليك والكرافته خنقاك ..توء توء .. عايز تروح
الحمام .. فيه حاجة بتوجعك ..أومال مالك فيك أيه خليت الفأر يلعب فى عبى .. أتكلم
يا مشكاح قول وريحنى
مشكاح وهو يدعك كفيه بتوتر : أصلى أصل أصلى
لألأ مش قادر أقول ( ويذهب لأخر الغرفه ويضع وجهه فى الحيط ويخبط بقبضة يده على
الحائط )
ريما ترقع بالصوت : يالهوووى يالهوتى ..مشكاح
يجرى ناحيتها ويضع يده على فمها حتى لا تستمر فى الصريخ .. بس حتفضحينا الله يخرب
عقلك
- ريما تخلع الطرحة بعنف : وآدى الطرحة أهه
وينعل أبو الجواز على أللى بيتجوزوه .. أنا بقى مش حسيبك الليلة دى ألا لما أعرف
أيه أللى فيك وألا حبعت أجيب أخواتى حسن وحسين وحسنين يعدموك العافية ويقلبوك زى
فردة الشراب ويعرفوا فيك أيه فقوللى كده بالذوق وأنا مش حصرخ ولا حتشنج ولا حشد فى
شعرى ولا حجز على أسنانى.. قول الله يخرب بيتك بعد ما قعدت 39 سنه أنتظر اليوم ده
بعد مافاتنى قطار الهباب وستات العيله يصبرونى كل ما واحده من البنات أللى أصغر
منى تتجوز يقولوا لسه نصيبك ما جاش ياريما .. أصبرى.. وأصبر ومستحمله.. ويظهر نصيبى
متنيل بستين نيله.. قول أنا سمعاك أهه ح حط فى بوءى جزمه قديمه ومش حتكلم .. أتكلم
يا مشكاح
مشكاح بعد تردد : أصل أنا كدبت عليكى وضميرى معذبنى
ومش حستريح ألا لما أعترفلك وتسامحينى .. تقوم ريما وتجذبه من الكرافته وتكاد أن
تخنقه
- كدبه واحده مش مشكله قوووول
- الحقيقة هى مش كدبه واحده .. ييجى كده ثلاث
أو أربع أو خمس كدبات
- من أولها كدب يا أبن المتضايقه
- ماهو أنا حقولك أهه علشان ضميرى يرتاح
- أربع خمس كدبات ده ليلتك مطينه بطين ..قول
يا مشكاح أنا سمعاك أهه
- خايف تزعلى .. لأ مش حزعل قول .. لأ حتزعلى
.. مش حزعل قول بقأه وألا حتكون نهايتك على أيدى
- الحقيقة يا ريما أنا كذبت عليكى لما قولت
لك أنا سمسار .. أنا فى الحقيقة حرامى ونصاب وعندى 30 سابقة وأنا ماكنتش فى العراق
أنا لسه خارج من السجن من شهرين وناوى أتوب وأمشى مستقيم
- يعنى المهر والشبكة والفستان والشقة من المال
الحرام يا مشكاح
- أيوه ..وكمان أجرة المأذون والفراشه
والشربات والفرقه أللى زفتنا .. بس ورحمة أبويا ناوى أتوب من النهارده
- ماشى يا أبو ضمير جاى تتوب ليلة دخلتى يا
معفن ما جيتش ليه تايب جاهز
- ما
كنش فيه فرصة ياريما ..أناعايز أبدأ فى الحلال وأخلف عيال ولاد حلال وأكلك لقمه
حلال ويمكن يكون ربنا جعلك من نصيبى علشان أبدأ معاكى عيشه نضيفه
- عيشه نظيفه دى حتبقى مهببة بستين نيله لو
لسه فيك داء السرقة ده .. ماشى ربنا يقبل توبتك .. والكدبه الثانية قول وخلصنى
فقعت مرارتى مش حنقضيها لوك لوك لوك طول الليل
- خايف تزعلى .. لأ مش حزعل قول .. لأ حتزعلى
.. مش حزعل قول بقأه وألا حتكون نهايتك على أيدى
- أنا كنت متجوز قبلك ثلاثة
- ثلاثة بس أفتكر أحسن لك ..فيه حد منهم على
ذمتك
- الحقيقة الثلاثة دولت بعقد رسمى والباقى عُرفى
وراحوا لحالهم ومفيش حد فيهم على ذمتى سابونى بعد الحادثة
- حادثة أيه أسم الله
- ماهى دى الكدبه الثالثة أللى كنت حأعترف لك
بيها .. آخر قضية كانت من 3 سنين أتهمونى
أنى قتلت وسرقت ست عجوزه ساكنه جنبينا .. المهم معاون المباحث الله يلعنه قاللى
قول أنك قتلتها ياض يا مشكاح وانا حعمل المحضر بحيث أنك تطلع براءة لما تحقق معاك
النيابه ودى خدمه حقدمها له علشان يترقى ولزوم التصوير فى التليفزيون والجرايد والذى
منه .. الحقيقة أنا صدقته وقولت الكلام أللى قاللى عليه .. القضيه لبستنى أنكرت
قدام المحكمه ومفيش فايده حكمت عليا بالأعدام ومعاون المباحث قاللى ولا يهمك حتطلع
فى الأستئناف .. أنت ناقصك حاجه جوه السجن قولت له لأ.. خيرك مغرقنى ياباشا ..ومرت
الشهور ودخلت محكمة الأستئناف اللى أيدت الحكم بالأعدام ولبسونى بعدها البدله
الحمراء فى أنتظار حكم النقض ومن ساعة مالبست البدله الحمراء وأنا بتجيلى كوابيس
وكل ماشوف حاجة حمراء بحس أن روحى بتنسحب منى مش عارف أزاى وما بعرفش أنا بعمل أيه
- ريما وهى تمصمص شفتيها اى حاجة حمراء غريبه
.. أنا قدامك أهه لابسه أبيض فى أبيض
- الحقيقة ياريما الروج الأحمر أللى أنت حطاه
هو أللى تعبنى
- وآدى ياخويا الروج أللى تاعبك ( تقوم بمسح
الروج بمنديل ورقى وتقذفه فى وجهه ) أستريحت يا عم الديك الرومى
- أيوه كده أستريحت ربنا يستر عرضك
- وبعدين كمل أعدموك ولا لأ
- أعدمونى أزاى وأنا قدامك أهه .. ربنا ما
يرضاش بالظلم .. تقوم المباحث أيه بالصدفه
تظبط المصاغ بتاعة الست المقتوله وتفضل تدور لحد ما وصلت للقاتل الحقيقى بعد 3
سنين خرجت بعدها وأنا صابتنى الحاله دى
- هيه وبعدين أحكيللى بقى طلقت نسوانك
الثلاثه أزاى
- سؤالك ده فى محله .. الست الأولانيه .. بلاش خلينى أحكيلك عنها بكره قومى بينا ننام
( تضحك ريما وهى تقول : حننام أزاى بعد الغم
والهم أللى حكيته .. الصباح رباح قوم نتعشى الأول
تقوم ريما إلى المطبخ وتحضر العشا وتجلس مع
مشكاح يأكلون سويا ويتضاحكون وهى تسأله بدلع : ألا صحيح الكلام أللى بتقوله ولا ده
كلام كدب
يضحك مشكاح وهو يهز رأسه ولايرد
-
أستنى يا مشكاح لما أجيب لك حاجة عمر أهلك ما أكلوها جيالى نقوط من البنت فكيهه
بنت زعتر الفكهانى .. تخرج ريما من المطبخ
وهى تحمل طبق به تفاح أمريكانى أحمر بمجرد أن رآه مشكاح يتشنج ويرتعش ويقع فى
الأرض
تصرخ ريما وهى تشاهد حالة مشكاح فيقع منها
طبق التفاح وتتدحرج التفاحات لتكون بالقرب من وجه مشكاح فتزداد حالته سوءاً فتدرك
بأنه يتأثر فعلا باللون الأحمر فتقوم بجمع التفاح وتعود به مسرعه للمطبخ فتهدأ
حالته تدريجيا ويعود لرشده
ريما وهى تندم نفسها : يقطعنى أنا ماكنتش
متخيله أن حالتك كده قوم يا خويا وصلى على النبى وبلاه التفاح مالها الجوافه ..
أصل مكتوب علينا الفقر يامشكاح حتحرمنا من التفاح والفراوله والقوطه بسيطه .. قوم
غير هدومك على ماغير هدومى وأطفى النور قبل ما أدخل عليك ..
مشكاح متعجبا : وأطفى النور ليه ياريما ..
أنا قولت تطفى النور يعنى تطفى النور أسمع الكلام .. حاضر ياريما
وبعدها بساعة يقوم مشكاح مسرعا لدورة المياه
فيضيئ مصباح الغرفة فيشاهد ريما بقميص النوم الستان الأحمر فيتشنج ويقع فى الأرض
فتسرع ريما بغلق النور فيهدأ مشكاح ويسود
بينهما صمت وتسمع ريما فى ظلام الغرفه الدامس صوت مشكاح وهو يؤنب نفسه ويلطم وجهه
وهو يقول : معقول ..لأ لأ لأ مش ممكن
..معقول ..لأ لأ لأ مش ممكن
ريما : هو أيه أللى مش معقول وأللى مش ممكن
.. قادر ربنا يزيح عنك
مشكاح : ونعمه بالله .. تعالى نكمل نوم خخخخ
خخخخخ وبتشخرى كمان نامى نامت عليكى حيطه يابنت الفقريه
مشكاح وهو يتثائب فى الفراش .. مين أللى بيخبط علينا فى الساعة دى
ياريما ..أكيد أمك .. قومى شوفيها على ما أدخل الحمام
ريما : طيب ياللى
بتخبط حاضر يامه
يا ألف نهار مبروك
ياريما .. خدى منى الفطار -
وكمان فطار يامه ..
ده كثير قوى -
- ولا كتير ولا حاجة
المهم أخبار الجواز أيه يابت
..أسكتى يامه ينعل أبو
الجواز على بيتجوزوه .. جات الحزينه تفرح ماتلقتهاش مطرح
(تدق أم ريما على صدرها )
يادى النايبه أيه أللى حصل يابت مشكاح طلع فسكونيا
..لأ يامه دماغك
ماتودكيش بعيد كده .. من الناحية دى هو راجل ونص بس للأسف كداب وأبن كدابه ولابسه
عفريت اللهم احفظنا
- قولى كده وقعتى قلبى
وكل حاجة وليها حل ألا الحكاية التانيه دى هئ هئ .. وكداب أزاى يعنى .. فشار زى
أبو لمعه
ياريته يامه كان فشار
..ده عامل نصايب .. أهو عندك أهو أقعدى معاه وأعرفى أيه حكايته وأنا قايمه أجهز
الفطار علشان تفطرى معانا
- لأ يا حبيبتى أنا
قايمه ماليش وجود معاكم .. ونصيحة منى أتهنى وفرفشى اليومين دولت وماتنكديش على
نفسك ويبقى له روقه بعد شهر العسل حنظبطوه ونروقوه .. أنا ماشيه فوتك بعافية
(يجلس مشكاح وريما
لتناول الفطار وهى تغنى يا خارجه من باب الحمام وكل خد عليه خوخه .. خوخه
خوخه..وتميل عليه فى دلال )
قولى يامشكاح فيه حد
من النسوان أللى أتجوزتهم أحلى منى -
- عايزه الصراحه : آه
..
- تنتفض ريما من الغيظ
: تتك نيله بتقولها كده فى وشى من غير ماتراعى مشاعرى أشمعنى دى تجاوب عليها
بصراحة.. طب أكدب بجملة الكدب أللى أنت عايش فيه
- ماهو أنا ياريما خلاص
أخدت عهد على نفسى أنى ما أكدبش تانى
- لأ بقى فى الحاجات دى
لازم تكدب على الأقل علشان ترفع روحى المعنويه - بس أنا لعلمك عندى حاجات ومحتاجات
مش موجوده فى أى ست صح ولا غلط ( يسكت مشكاح)
- قول يامشكاح ساكت ليه
- عايزه الصدق ولا أبن
عمه .. لأ عايزه الصدق .. حتزعلى .. لأ مش حزعل
- انتى أعفن واحده
أتجوزتها
(ريما ترقع بالصوت
الحيانى وتهجم على مشكاح وتوسعه ضربا وعضا وهو يضحك بهستريا ولم ينقذه منها غير
صوت طرقات على باب الشقة فتقوم ريما لتفتح وهى تتوعده : أن ماوريتك يا أبن الكدابه
.. أيوه ياللى بتخبط
تفتح الباب فتجد
جارتها أم صبرية وبنتها الشابه الجميله صبرية يحملون صنية بها أطباق مغطاه بمفرش
وبعض أكياس الفاكهة
صباحية مباركه
ياعروسه .. صباحية مباركه ياعريس ..
- ليه تكلفى نفسك ده
أمى لسه ماشيه وجايبه لى الفطار ..
- خلاص ياريما أعتبريه
ده الغداء
مشكاح وعينه لا تنزل
عن صبريه : ماتقعدى ياست صبريه قصدى ياست أم صبرية .. متشكرين نسيبك مع عروستك يا
أستاذ مشكاح ده أحنا لو قعدنا نبقى قولالات الذوق .. مبروك يا حبايبى وعقبال
البكارى
(تخرج صبرية وأم صبرية
ويقوم مشكاح لتوصيلهم للباب فتجذبه ريما من ياقة البيجامه وتتقدم هى لوداع
الضيوف )
أن ماوريتك يامشكاح وكمان طلعت عنيك زايغه .. أتقى الله يا أخى ده أنا لسه
فى الصباحية أومال لما تعدى سنه ولا أتنين حتعمل أيه
- عادى ياريما فيها أيه لما الواحد يهتم بجيرانه
- ده مش أهتمام ده أنت عنيك أللى يندبوا فيها رصاصه كانت حتاكل البت أكل
..أنت أيه يا أخى كداب ومدب ومبصبصاتى ياميلة بختك ياريما ماهو أنا كنت قاعده
معززه مكرمه فى بيت أبويا ورميت طوبة الجواز ونسيته (تجهش بالبكاء.. ويقترب منها
مشكاح وهو يطيب بخاطرها ويطبطب عليها وهو يقول : ماتزعليش ياريما حقك عليا خلاص مش
حصارحك تانى وأرجع أكدب زى الأول
تنتفض ريما وهى تصرخ : لأ لأ كدب لأ
مشكاح : أرسى لك على حل يا أكدب أو أقول الصراحة
ريما : أكدب وأكدب وأكدب بس قول لى أنى أنا حُبك الأول والأخير وأنى أجمل
واحده فى نظرك وأنك ماتقدرش تعيش من غيرى
مشكاح :حاضر ياريما حكدب عشان خاطرك وأخالف ضميرى وربنا يسامحنى بقى
ريما تدفعه بعيدا عنها وتقوم لتغلق باب غرفة النوم عليها .. يقوم مشكاح
خلفها ويطرق باب الغرفه طرقا خفيفا وهو ينادى عليها بصوت هامس .. ريمااا ياريمااا
.. أدخل يا جميل .. يسمع صوتها وهى ترد بدلع: أدخل ياميشكو.. يفتح الباب فتندفع
ريما نحوه لتحتضنه وهى تردى قميص النوم الشيفون الأحمر فيسقط مشكاح متشنجا على
الأرض وهى تنظر له بشماته وتقول : كل يوم من ده يا أبن الكدابه .. أن ما طلعتهم
على جتتك أخماس وأسداس مابقاش أنا ريما.. يا جزمه قديمه