قصة مدينتى
بلغنى
أيها الملك السعيد ذو الرأى الرشيد بأن المحروسه قامت بها ثوره مهووسه على حاكمها
الذى بلط فى حكمها لمدة ثلاثين .. فاق فيها حكم الملوك والقياصره والسلاطين ..فأنتشر
فى زمانه الفقر والفساد والمرض
وفى صباح الخامس والعشرين من بداية العام الحزين
خرجت الجماهير إلى الميادين وأعتصمت بها لمدة أسبوعين أو تزيد وظلت تهتف بسقوط
الفراعين والرحيل بدون قيد أو تأخير .. فخاف وأرتعد الطاغية فأشار عليه مستشاريه
بأن يترك الحكم لفتره حتى تصفو المياه العكره.. تنتهى فيه الهوجه وينصلح حال كل
عوجه.. تسلم فيه شؤن البلاد لسنطاوى قائد العسكر حارسه الأمين الذى ظل فى خدمته
أكثر من عشرين حولا أو يزيد ..فهدأت النفوس قليلا ألا من بعض الغاغة والبلطجية اللتى
أطلقتهم الداخلية كان فيها الملعون قد غادرإلى ساحل البحر المشمشى حيث القصور
والمناظر الشفتشى وكان فى حمايته جيش خاص وخدمه وحشمه وكل من يدين لحكمه بالأخلاص وكان
لا ينقصه شيئ سوى أن أختفت أخباره من التليفزيون الحكومى بعد أن كان أسمه مفروض
علينا فى بداية كل نشره وفى نهاية كل ليله وظل ينعم لمدة نصف العام ويطقطق فى
صوابعه وينام.. ولم يتحرك قائد العسكر لتسليمه الأبعدية كما أتفق معه قبل أن يغادر
فأرسل فى طلبه على عجل فحضر فى التو
واللحظه ووقف أمامه زنهار بعد أن قدم فروض
الطاعة والأحترام فقال له المخلوع وهو يحاوره : جرى أيه ياسنطاوى مش كان أتفقنا أن بعد شهر أرجع
مكانى فى القبه أهو عدى ستت أشهر ولا سألتش يا عمده
فأجابه
سنطاوى بكل أدب وأحترام : يا أفندينا آديك شايف وسامع وقارىء الجرايد بأن الثوار
كل يوم فى مطالابات وأعتصامات وحوادث وأغتصابات وبعد ما عزلت قائد العسس والبصاصين والأنكشاريه
والبلطجية رافضين العمل بعد ما الثوار ضربوهم على قفاهم وأهانوهم فى التحرير
أفندينا بزهق:
قول من الأخر أنك خايف ولا عجبتك القاعده فى قصر الرئاسة ومش بعيد أنك ترشح نفسك
مكانى ماهى هزلت ياسنطاوى
-
حشا لله يا أفندينا أنت عارف معزتك وولائى لك ولأسرتك لأكثر من عشرين سنه حتى أسأل الست شجرة
الدر زوجتك المصون أنا بحبك واللهى قد أيه
-
أنا ما بكلش من الكلام ده ياسنطاوى أنا وصلتنى أخبار أنك بتنزل وتتمشى
فى الشارع تكنش فاكر أنى مبلبع ولا شارب
- يدخل ولى العهد وهو غاضب ويمسك فى رقبة سنطاوى
وهو يقول : أنا قولت لك يا والدى أن الراجل ده ضحك عليك وسحب الملك من بين أيديك
ومش بعيد كمان يسجننا كلنا أنا وأخويا وأمنا .. وقولنا لك من زمان أن العسكر
مالهمش أمان
-
أخرس ياواد أنت ناسى أننى منهم وفاهمنى وأنا فاهمهم
سنطاوى
يبعد يد ولى العهد عنه وينظر له بقرف : لعلمك يا أفندينا الواد ده هو سبب نكبتنا وضياع
عزبتنا..وقوانين التوريث أللى عملها هو وشبر ونص صاحبه هى أللى مهيجه شعبك العظيم
المطاوع
أفندينا
يتنبه لدخول حرمه شجرة الدر فيزاد حده ليبين لها بأنه مازال على عنفه وسيطرته:
أسمع يا سنطاوى تاخد الخطه دى وتطلع من هنا عيدل وتنفذها بحذافيرها وألا حنشر كل
فضايحك وأنت عارف ملفاتك تحت أيدى أقدر أحطك فى السجن يا حبيبى .. وأنا النهارده حذيع بيان على الشعب اللذيذ
المطاوع . وعايزك تنفذ الخطة زى ماهى مكتوبه عندك ..سامع ولا مش سامع .. سنطاوى
يشد قامته ويؤدى التحية العسكرية وهويقول تمام يافندم .. أفندينا لا يرد على التحية
ويشاور له بالأنصراف
يخرج
سنطاوى من حضرة أفندينا من القصر وقد أزدادت الدنيا ظلام وصدره يغلى من الغيظ وهو
يقول لنفسه : آه ياولاد الكلب لولايا لكان الشعب أعدمكم فى الميدان صدق من قال :
إذا أكرمت الكريم ملكته وإذا أكرمت اللئيمَ تمردا.. وفى المساء إذاع المخلوع بيان
يناشد فيه الأمه أن تثور لترفع عنها الغمه وينادى بسقوط حكم العسكر .. وعندما سمع
سنطاوى البلاغ أمر بحضور قادة الجند والمخابرات وعرض عليهم ما قاله المخلوع وأنه
يهدد بالعودة إلى الأتحاديه ويعيد بناء الأبعديه وينصب المشانق لجميع قادة العسكر وأجمع
المجتمعين أن يتغدوا به قبل أن يتعشى بهم ويأمر المدعى العام بأحالة جميع أوراق
المخلوع إلى الجنايات على جريمة قتل المتظاهرين وأختلاسات على شوية هدايا وفيلات
وعندما بلغ ذلك المخلوع أستشاط غضبا وقرر أن يقتل سنطاوى ومدير مخابراته ولكنهم
نجوا من الموت بأعجوبه وعندما علمت شجرة الدر بما سوف يحدث من محاكمات قد تدفع فيها
أسرتها إلى حبل المشنقة ذهبت فى التو والحال إلى سنطاوى وهى تبكى بكاءً مراً يفتت
الأكباد فيرق لحالها سنطاوى ويعمل حساب العيش والكفيار الذى تناوله معهم أيام
الأزدهار ولكنه لا ينسى جبروتها فى أيام حكم المخلوع فأنزعج لحالها ويتأكد بأن
النصيبه ستجمعه بما يملكوه من أدله وأوراق تدخله معهم فى قفص الأتهام .. فطمأنها
وقال لها سأعامله معاملة الملوك العظام ولن أحنس فى يمينى الذى أقسمته من زمان
ولكنى لن أستطيع أن أواجه غضب الجماهير الأن فدعينا ندبر الأمر لنخرجه من هذه الورطه كمن يخرج
الشعره من العجين وسنجعل أعواننا يهتفون له ويحملون صورته فى الميادين ويعلنون
أسفهم وندمهم على مالحقه من ضرر من السوقه والدهماء ولكن بشرط أن يغادر ساحل البحر
المشمشى إلى قصر النقاهة .... وأوعدك بأن أوفر له كل سبل الراحة بشرط أن يلتزم
الصمت حتى نهيئ الجو لحكم البراءة
وتمر
الأيام يا مولاى والمخلوع يعيش فى القصور ولا تمس الأموال التى سرقها بسوء وما
عليه سوى أن يظهر كل شهر وهو نائم على ظهره فى قفص الأتهام ليستدر عطف وشفقة الناس
.. وتشكل له محكمه هزليه تنتهى بحكم أغرب من الخيال فتصدر البراءة على أعوانه
وجلاديه وتحكم عليه وعلى كبير العسس والبصاصين بالسجن 15 عاما لتهدأة أهالى
الضحايا والشهداء ولكن كان ينتظر الأستئناف والطعن على الحكم وبدأ سنطاوى يفرج عن
جميع أعوان المخلوع ووزراءه ويعيد لهم الأموال التى نهبوها وكأنك يا أبو زيد
ماغزيت
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق