الكمبيوتر الملبوس

الكمبيوتر الملبوس

-       1 -

صحوت قرب الفجر على أصوات تصدر من غرفة مكتبى فمشيت على أطراف أصابعى دون أن أنير المصباح وأنا يخالطنى كثير من الخوف الغريزى الذى جعلنى أتوقع أن يكون بداخل شقتى لصاً أو ربما فأراً أو قطه وسألت نفسى من أين يأتون وجميع نوافذى وأبوابى مغلقة فترددت قبل أن أفتح باب الغرفة فقفلت راجعا إلى المطبخ لأتسلح بسكين أو عصى أو حتى أيد هون لأن الأمر جل خطير لم يسبق أن تعرضت له .. فتحت باب الغرفة بهدوء وأنا أرفع أكبرسكين مطبخ وجدته ( غالبا كانت سكين التورته الغير مسنونه) وبدأت مستعداً للنزال كفارس من فرسان العصور الوسطى الذين أشاهدهم فى التلفاز وضغطت على زر الكهرباء لأبدد ظلام الغرفة فلم أجد غير الكمبيوتر مفتوح وصوت الطابعة يعلن عن أنتهاء طبع أوراق ولايوجد أحد بالغرفة .. لبست نظارتى وظللت أبحث فى الغرفة وبين الكتب والأدراج فلم أجد شيئا فهدأت قليلا وجلست على مكتبى لألتقط أنفاسى وصوت الطابعة لفت نظرى بأن أنطفأ مفتاح تشغيلها والكمبيوتر بدأ فى الأغلاق وعاد الخوف يتملكنى مرة أخرى فمددت يدى وسحبت الأوراق التى بالطابعة لأقرأها ولكن صدرت منى شهقة رعب فهى مكتوبه بلغة غريبه مثل الموجوده بكتب السحر والأحجبه التى يكتبها السحرة والمشعوذين وأللى طلع عليا هو : لالا مش ممكن ..لالا مش ممكن .. أسمع صوت زوجتى الحاجة وهو تنادى عليا من غرفة النوم : فيه أيه يازيزو ؟؟

-        وأرد عليها وأنا أبلع ريقى مفيش مفيش نامى أنا جاااى ..

 أهم بالقيام ولكن الكمبيوتر فتح من جديد ودارت ماكينة الطباعة لتطبع أوراق جديده فأنتظرت حتى أنتهت من الطبع وألتقطت الأوراق فوجدتها مكتوبه بنفس اللغة ولكنها تختلف فى ترتيبها عن سابقتها أى أنها أستكمال لما سبق.. بينى وبينكم  شعر رأسى وقف وطقطق.. فقررت أن أطفئى الكمبيوتر ولكنه لا يستجيب فقمت بسحب فيشة الكهرباء من الحائط بعصبية وفتحت درج الطابعة لأفرغه من الورق .. وخرجت من الغرفة مسرعا وأغلقتها بالمفتاح وأدخل فى الفراش الدافئ وأنا أقرأ آية الكرسى والمعوذتين حتى هدأت وقلت الصباح رباح.. وذهبت فى نوم عميق على غير العاده

-        فتهزنى زوجتى : أصحى ياعم الحاج أول مره تتأخر فى نومك كده.. حاضر حاضر .. بقولك أيه أنت سايب الكمبيوتر بتاعك شغال فى المكتب .. آه لأ .. آه آه فيه أيه

-       أصلى من الصبح سامعه دربكة فى أوضة مكتبك وصوت الكمبيوتر شغال والطابعة دايره حاولت أفتح أشوف أيه لقيت الباب مقفول بالمفتاح.. هو فيه حاجة!! ...

-       مفيش مفيش أنا قايم أهه .. أرمى الغطاء وأقوم مسرعا لأفتح غرفة المكتب فأجد الكمبيوتر شغال ومتصل بالكهرباء والطابعة تعمل ورساله على الشاشة تقول (ضع ورق بالطابعة)

أضع الورق فى الطابعة فتبدأ فى الدوران لتطبع أوراق جديده ولكن فى هذه المره يعلن الكمبيوتر عن أنتهاء عملية الطبع .. أجمع الأوراق بالترتيب وأحاول أن أفهم مافيها ولكن هيهات فقررت أن أقوم بتصوير بعضها بالأسكانر وأعرضها على النت لأترجمه فى جوجل .. وقد كان.. نسختها وأنتظرت نتيجة الترجمه وكانت المفاجأة

جائتنى رساله من جوجل تقول بأن هذه اللغة غير موجوده فى العالم برجاء أفادتنا عن مصدرها فوضعت أيدى على خدى وقلت فى نفسى جيبتك يا عبد المعين تعنّى لقيتك ياعبد المعين تتعان ..لابد أن الكمبيوتر ده فيه حاجة مش مظبوطه وفيه ناس بتشتغلنى وتعمل له ريبوت من بره وأنا مش عارف فقررت أن أتصل بصديقى وجارى المهندس عادل وشرحت له ماحدث فقال لى عشرة دقائق وسأكون عندك .. فتح الكمبيوتر وهاتك يا فحص فى البرامج وجميع التنزيلات وقام بمراجعتها وفتح مصارين الجهاز والطابعة وفى النهاية وضع الورق المطبوع جانباً وهو يائس : الجهاز والطابعة سليمة هارد وير وسوفت وير الكمبيوتر بتاعك ده لابسه عفريت وقام وتركنى وأنا أجرى وراءه : طب والعمل ياباشمهندس

قال وهو يبدو عليه علامات الأشفاق : الكمبيوتر ده قديم وعفى عليه الزمن مش عارف متمسك به ليه .. ياعم زيزو بيعه وكمان مش حتلاقى حد يشتريه .. أقولك على حاجه أتبرع به لجمعية رسالة على الأقل تكسب ثوب ..هززت رأسى وأنا قلبى يقطر دماً على هذا الكمبيوتر الأصيل وعلى ماوصل إليه وفى أول وعكة أتخلى عنه ولكننى لن أخذله أو أبيعه قبلما أعرف ما أصابه وسر هذه الرسائل المكتوبه بهذا الخط الغريب

 طب والعمل مفيش غير الشيخ مختار بتاع السحر والزار الذى يطلق عليه شيخ مجازاً رغم أنى لم أشاهده يركعها منذ أن عرفته فطلبته على الموبايل وشرحت له ماحدث فحدد لى ميعاد فى المساء فحملت أوراقى إليه فى غرفته التى يقطنها فى أسطح أحد العمارات المجاوره حيث خلوته ووكر تحضير أعماله السفلية والعلويه.. نظر الشيخ مختار فى الورق وهو يهز رأسه وهو يقول : معقول الجن الأمريكى يعمل كده

-       هو الجن دلوقتى جنسيات ياعم مختار

-       اومال الجن ده شعوب وقبائل يا زيزو ياخويا فيهم المتقدم والمتخلف وفيهم المؤمن والكافر وألعنهم الجن الصهيونى لعنة الله عليه

-       طب الورق ده فيه أيه

-       الورق ده تسيبه وتيجى بكره وتجيب معاك الورق أللى حينطبع

-       أيه هو لسه فيه ورق حينطبع تانى ..- أيون أنت فاكر العمليه سهله ولا أيه

-       أشمعنى يعنى الجن مالاقاش ألا الكمبيوتر بتاعى.يرسل عليه الرسائل بتاعته

-       ده من حظك يازيزو يظهر فيه منهم معجبين بك أبسط ياعم..

-       بقولك أيه يا عم مختار ماتاخد الكمبيوتر ده تطلع منه العفاريت بمعرفتك

-       ما أقدرش يا حبيبى ده ممكن يؤذونى وأيش ضمنك أنى لو أخدت منك الكمبيوتر يظهروا لك فى الثلاجة أو التكييف أو الكيتشن ماشين

-       يانهار أزرق  ألا الكيتشن ماشين بتاع الحاجه هما واخدين توكيل الأجهزة الكهربائية

-       العفاريت أطورت ومابقتش زى زمان تلبس البنى آدين لأن البشر دلوقتى ألعن من الشياطين فتلبس فى كمبيوتر أو سياره أو قطار أو باخره أى جهاز بيستخدمه بنى البشر

-       معقول .. وأكثر من كده حقولك على آخر نشره  طلعت من الهيئة العامة للعفاريت بتقول ممنوع منعاً باتاً أى عفريت أو جن أن يلبس أى بنى آدم وخاصة الستات وبنات اليومين دولت .. -- أشمعنى بقى .. لأنهم مش محتاجين عفريت يلبسهم حقولك على حاجه غريبه مش حتصدقها فيه بنت رقاصه عينيها زرقاء طالعه اليومين دولت مش فاكر أسمها بدل ما العفريت يلبسها هى أللى لبسته وأهله العفريت ياحرام  دايخين بيه على المشايخ .. ياسلاااام .. أنت مش مصدق ولا أيه .. العفاريت دلوقتى مش فاضيه تلبس البنى آدمين دول  بيخافوا يقربوا منهم  ويستعيذوا بالله منهم وأى واحد أو واحده يقولك أن لابسه عفريت ماتصدقوش ده بيستهبل أو مخه ضارب أضربه بالجزمه على دماغه وهو يفوء

-       اومال أيه الناس أللى رايحه جايه عليك دى والزار أللى أنت بتعمله كل يوم والتانى ده - يازيزو ياخويا رزق الهبل على المجانين     

-       ما علينا خلينا فى الكمبيوتر بتاعك ده تصدق أنى بفكر بجد أفتح ورشة لعلاج الأجهزة الملبوسه بدل من النصب على خلق الله  والمشاكل مع الأوباش ما تيجى تدخل معايا شركة .. أفكر ياعم مختار.. فوتك بعافية

-        ماتنساش تجيب الورق الجديد

-        حاضر سلام  

الجزء الثانى

أمر على الشيخ مختار فى اليوم التالى ومعى مجموعة جديدة من الأوراق وجدتها فى الصباح على مكتبى فنظر إليها وأبتسم ضاحكا ليظهر فمه المهجور من الأسنان : مبروك ياعم زيزو الجماعة بيبعتولك كثير السلام وبيشكروك على توصيلك للرسائل

-       جماعة مين .. حبايبك العفاريت .. أنا لى حبايب من العفاريت .. أيوه ياسيدى يا بختك ياعم ..أرزقنا يارب .. يرزقك بنصيبه يابعيد .. وبعدين أيه لزمته الغلط ده .. حتخليهم يزعلوا منك وزعلهم وحش حيخلوك تلف حولين نفسك ( أشعر بالقلق وأحاول أن أظهر تماسكى أمام هذا الدجال )

-       قوللى عرفت أيه أللى مكتوب فى الورق ده ؟؟

-       عرفت ومش حقولك إلا لما تمضى هنا بدمك

-       لما أعرف الأول حمضى على أيه

-       أمضى وبعدين تعرف .. – لأ مش حمضى ألا لما أعرف

-       ماتخافش شكه بسيطه بالدبوس وتبصم بالدم هنا

-       تتك شكه .. أنت أتهبلت ياراجل أنا الحق عليا أنى لجأت لواحد نصاب زيك .. أنا ماشى وطز فى عفاريتك أنا مروح أرمى الكمبيوتر ده بره

-       توء توء توء.. ماشى ياعم زيزو براحتك مصيرك حتجيلى تانى وحتندم على أللى قولته