عودة الروح

-        سس لو سمحت يا أخ ممكن تدلنى على بيت عباس السمسار

-        عباس السمسار مات من 10 سنين ياسيد

-        أزاى أنا كنت معاه أمبارح بالليل و شربت الشاى معاه ومع بنته أزهار هنا فى الزقاق  ده وأستضافنى فى بيته.. وفى نهاية السهرة طلبت يدها للزواج فوافق الرجل ورحب بى وها أنا أحضرت المهر والشبكة

-        بقولك يا أفندى يامحترم تصدق ما تصدقش أنت حر عباس السمسار مات من زمان هو وكل عيلته نتيجة حريقه قامت فى البيت من عشر سنين وعندك البيت هناك فى آخر الزقاق عليه أثار الحريق ولا يستطيع أحد الآقتراب منه بعد أن تفحمت الجثث فيه وأعتبرناه مقبره لهم

-        أومال مين اللى قابلتهم أمبارح وسهرت معاهم دولت

-        الله أعلم يمكن اللهم أحفظنا عفاريتهم وعلى كولن تعالى فى نص الليل وأقف أمام دارهم ونادى بأعلى صوتك ياعباس ياسمسار لو عارفك حيطلع لك ولو مش عارفك يبقى ربنا يستر عليك

وجاء فى منتصف الليل وسار فى الزقاق وهو يرتعش حتى وصل أمام البيت المظلم ونادى بأعلى صوته يا عباس ياسمسار فسمع صوت نافذة تفتح بعنف ويطل منها عباس ..يامرحب بالحبايب أتفضل يا أستاذ عمر زُق الباب وأطلع على السلم أهل العروسه والمعازيم فى أنتظارك .. خلى بالك من السلمه المكسوره ههههههه

-        بعد الترحيب والسلامات أنطلقت الزغاريط وخرجت أزهار من غرفتها وهى ترتدى فستان الزفاف تحيط بها بنات العيله فقام من مجلسه وتناول يدها ورفع عن وجهها الطرحة وقبلها فى جبهتها وجلست بجانبه وقضى الليل كله مع عروسه فى ليله يحق يقال بأنها ليلة العمر حتى أشرقت الشمس ولسعت وجهه فقام متأففا فوجد نفسه على بلاط الزقاق أمام البيت المحروق فقام بالطرق على الباب بكل قوته وهو ينادى على عباس وعروسته أزهار وتجمهر حوله أهل الزقاق وهم يرثون لحاله وعلى ما أصابه من مس الجان وفى النهاية أنصرف وهو يعقد النيه للعودة بعد منتصف الليل لينادى على عباس كما حدث فى الليله السابقة فيفتح له الباب ويصعد على الدرج ويلتقى بزوجته أزهار ثم يقضى الليل معها ويفيق فى أول النهار ليجد نفسه طريحا على بلاط الزقاق فينفض التراب عن ملابسه وينطلق لحال سبيله ليعود فى منتصف الليل وظل على هذا الحال مايقرب من شهر فقالت له أزهار ذات ليله تجرعا فيها كؤس الهوى وتغنت فيها طيورالعشق والغرام : أنا حامل ياعمر وسألد الآسبوع القادم

-        كيف ستلدين ولم يمضى على زواجنا سوى شهر؟؟

-        نساء الجان غير نساء البشر ياحبيبى

-        ماهو المطلوب منى يا أزهار

-        لاشيئ سوى أن تختار للمولود أسم من هذه الآسماء : سلخه..نسنس ..زكرع

-        الحقيقة يا أزهار أنا عجبنى أسم نسنس على الآقل له معنى

-        خلاص يا أبو نسنس مبروك علينا نسنس

وبعد أسبوع تضع أزهار مولودها الأول نسنس ويحتفلوا بها أيما أحتفال وتطير بهما الأريكة الجالس عليها عمر وأزهار ونسنس فى السماء وعمر فى حالة خوف والكنبة تعلو وتنخفض بهم فى سرعة رهيبة وفى النهاية يصحو والشمس تلفح وجهه وهو طريح امام المنزل المحروق ولكن الغريب فى هذه المرة هو صوت بكاء طفل رضيع.. فيقف منتصبا ويطرق الباب وهو ينادى على أزهار : سكتى الواد يا أم نسنس .. سكتى الواد يا أزهار .. فيشعر بيد تتطبطب على كتفه فينظر خلفه فيجد سيده عجوز :                               - سلامة عقلك يا أبنى أم نسنس ماتت وشبعت موت من 10 سنين

-        وأيه صوت العيل أللى بيعيط بالداخل

-        تهيؤات يا أبنى أصل الحته دى كلها عفاريت يا حبيبى تعالى معايا تغسل وشك وتشرب القهوة وأعرفك بأبو نعنوشه هو الوحيد اللى عارف حكاية أم نسنس

-        مين أبو نعنوشه ده كمان

-        ده يبقى جوزى ونعنوشه تبقى بنتى .. تعالى بس وسيبك من نسنس وأم نسنس خليهم مرتاحين فى تربتهم والحى أبقى من الميت .. أمشى معايا وماتقلقش البيت قريب من هنا

-        أحنا بقينا فى سكة المدافن ياخاله.. أنا راجع مش حكمل.. وبعدين معاك أبو نعنوشه يزعل منك وأنت ماتعرفش زعله.. أنت مش عايز تعرف مراتك وأبنك فين .. أبو نعنوشه هو اللى حيدلك عليهم وأحنا خلاص قربنا ..البيت الآحمر اللى فوق التل أطلع ماتخافش

-        أنا خايف سيبى أيدى أنا حرجع

-        ده أنا كنت بقول أنك قلبك ميت دخلت بيت عباس السمسار وأتجوزت بنته وخلفت منها وما خفتش.. وخايف تقابل أبو نعنوشه

يقتربا من باب البيت فتظهر أمامهم شابه جميله ترتدى ملابس مبتذله

-        دى نعنوشه بنتى يا سى عمر أنهى بزمتك أحلى هى ولا ..أم نسنس

-        نعنوشه طبعا ( يقولها  مجاملة وهو خائف ومرتبك ويمد يده ليسلم عليها فتسحبه ناحيتها حتى يصبح وجهها ملاصق لوجهه ويشعربسخونه أنفاسها )

نعنوشه : بص لى كويس ياعمر أنا الآحلى ولا أزهار

-        الحقيقه انتم الأتنين أحلى من بعض..

-        عايز أسألك سؤال وقولى بصراحة أنتى أنسيه ولا جنيه زى أزهار

-        ( تضحك ضحكة كلها دلع وتخبطه على صدره ) أنا لست بجنية ولا أنسيه أنا نعنوشه ياوله (تدفعه برفق أمامها ) أدخل أبويا فى أنتظارك أقعد معاه على ما أعمل لكم القهوة .. تحب سكرها أيه زياده وعلى الريحه

-        مظبوطه يانعنوشه

أبو نعنوشه يقف مرحبا بعمر ويأخذ بيده ليجلس بجواره قرب النافذه التى تطل على المقابر ..

أبو نعنوشه : القاعده هنا أمام المقابر تشرح القلب وترد الروح مش كده ولا أيه يا سى عمر.. مظبوط يا عمى.. هو فيه أجمل من منظر المقابر ساعة المغربية وعواء الديابه فى الليل أحلى من صوت الكروان .. وفجأه يهب واقفا ويستأذن من عمر

-        معلش ياعمر يا أبنى فيه جنازه داخله الجبانه وحيدفنوا واحد أفندى فى مقبرتنا أسمه عمر الشامى  حعمل الواجب معاهم وآجى.. أقعد وخد راحتك البيت بيتك أم نعنوشه أعتبرها أمك ونعنوشه زى أختك سلام ( يتبخر فى الهواء ويختفى ) ينظر بأستغراب ويجول بنظره فى أركان الغرفة الفسيحه وقد دب الخوف فى قلبه : أنا عمر الشامى أيه اللى بيحصل ده !! فيصفق بيده وهو ينادى ياأهل الله يالى هنا نعنوشه .. يا أم نعنوشه .. ولا من مجيب فيزداد خوفه فيتحرك بحذر حتى يصل لباب البيت ويفتحه ويهم بالجرى ولكن يشعر بيد قوية تسحبه للداخل فيقع فى الأرض ويسمع صوت أنثوى رقيق يناديه عمررر عمورتى أنت رايح فين يا حبيبى مش تقعد تتفرج على حفلة تعذيب بنت عمى

-        أنا أتأخرت قوى مش عارف أرجع أزاى فى سكة المقابر بالليل

-        بابا زمانه جاى وحيدلك على الطريق

-        مفيش داعى أنا حمشى وسأحضر باكر تصبحى على خير يانعنوشه

-        وانت من أهل الخير الباب مفتوح قدامك أتفضل مع السلامه

( يخرج عمر من بيت نعنوشه فيجد نفسه فى ظلام دامس ويهم بالعوده للمنزل فلا يجد شيئا حوله فقد أختفى المنزل الذى خرج منه  فتصدر منه صرخة رعب بعد أن تعثرت قدمه فى رفات وعظام الموتى وينظر إلى السماء فلا يجد النجوم وكأنه فى سجن فسيح فيتحسس جسده ليتأكد بأنه على قيد الحياة وليس من عداد الموتى فلم يجد أمامه سوى أن ينادى على الآسماء التى يعرفها : نسنس ..أزهار.. نعنوشه فلا من مجيب فينادى بأعلى صوته يا عباس ياسمسار ألحقنى أنا فى عرضك

فيرد عليه صوت عباس أيوه ياعمر يا أبنى زُق الباب وأطلع على السلم وخلى بالك من السلمه المكسوره أنا مش شايف البيت ولا باب البيت يا عم عباس

  -أقعد فى مكانك النهار قرب يطلع ماتخافش   

فيدفع الباب بكل ما أوتى من قوة حتى ظهر شعاع الشمس من بين الحجاره فيتنفس الهواء بعنف وأخيرا يخرج إلى النور فوجد نفسه فى وسط المقابر وأمام مقبرة مفتوحة مكتوب عليها أبو نعنوشه توفى من 20 سنه .. فقام يجرى بين المقابر وهو يصرخ فخرج ورائه شحاتين المقابر واللحادين والحانوتيه وهم يتعجبون على منظره وهو ملفوف بالكفن وعلى وجهه علامات التعب والأعياء

-        فيه أيه ياعم حسونه بيقولوا فيه ميت خرج من التربة وبيجرى وسط القرافة

حسونه التربى  وهو يرفع أصبعه إلى السماء وهو يدعو : الله أكبر..يحى العظام وهى رميم الجدع أللى أسمه عمر الشامى فاكرينه اللى لقيناه ميت أمام بيت عباس السمسار يخرج  من التربه بعد دفنه بخمسة أيام ويجرى فى وسط الجبانة والناس تجرى ورائه لحد ما وقع أمام بوابة الجبانه وهو يهزى بكلام غير مفهوم.. نسنس ..أزهار.. نعنوشه.. عباس السمسار ثم يشهق بعدها شهقة الموت ويفارق الحياة ) لاحول ولا قوة الا بالله