1- فلسفة التغيير والتطوير

لخبراء التهريج

من كثرة قراءة الصحف ومتابعة الفضائيات والأستماع لكل فقهاء السياسة والقانون والخبراء الأستراتيجيين  الذين ظهروا بكثافة  هذه الأيام وبالأضافة  للحالة النفسية التى ولدتها داخلنا ثورة 25 يناير من حس وطنى وأنتماء غير عادى وحب وهيام  وغرام وأنتقام لمصر لم نكن نشعر به قبل الثورة فمعظمنا كان مكبر الجمجمة أو فى حالة توهان أو أشمئناط مع قليل من التهييس الصادر من اللاوعى.. لزقت فى رأسى كلمات لا تفارقنى ليل ونهار سمعتها من أحدهم وهو يتفلسف فى أحدى برامج التوك شو( الله يحرق البرامج التوك شو وأللى عملها ) وهو يناقش أهداف الثورة وهو منجعص وبين الحين والأخر يضع اصبع السبابة على رأسه وكأن علوم الدنيا بداخلها ثم ويهرش فى شعره ولأول مره أعرف بأننا نملك هذا الكم الهائل من العباقرة والجهابذة والمحللين 

يقول هذا العبقرى : ماذا تريد الثورة ؟؟ التغيير أو التطوير.. وهل التغيير يأتى قبل التطوير أو يحدث العكس وماهو الفرق بين التطوير والتغيير وهل نحن عندنا آلية للتطوير وأخرى للتغيير وماهو المنتج النهائى من التطويير والتغيير وهل كلا المنتجين متشابهين ولو كانوا مختلفين فما هى أوجه الأختلاف وهل هذا الأختلاف أيدولجى أو برجماتى وهل السلوك الثورى يتوافق مع آلية التطوير أم ستحدث أنتكاسة تؤدى لتوقف المد الثورى ودخول عناصر مغايره لمنهج أبناء التحرير...هههه ( ضحكة مقتضبة كأنها تقول للمشاهد تبقى تقابلنى لو فهمت حاجة ) المذيعة البيضاء الجميلة مثل قطعة الجاتوه المزوقه بالكريمه والشيكولاته والكريز تنظر لمحدثها العبقرى فى حيرة وللكاميرا فى قلق ليسعفها ميكروفون الأذن من المخرج والمُعّد لأنقاذها من هذا الفيلسوف الذى لم تفهم منه ولا كلمة مما يقول .. فتلقى عليه سؤال جديد وصل لها عن طريق السماعة

المذيعة : ماهو رأيك فى الثورة الليبية وهل ستحقق أهدافها

الفيلسوف وهو ينظر للسقف ويقول : الثوار الليبيين ماذا يريدون التغيير أو التطوير وهل التغيير يأتى قبل التطوير أو يحدث العكس وماهو الفرق بين التطوير والتغيير وهل عندهم آلية للتطوير وأخرى للتغيير وماهو المنتج النهائى من التطويير والتغيير وهل كلا المنتجين متشابهين ولو كانوا مختلفين فما هى أوجه الأختلاف وهل هذا الأختلاف أيدولجى أو برجماتى وهل السلوك الثورى يتوافق مع آلية التطوير أم ستحدث أنتكاسة تؤدى لتوقف المد الثورى ودخول عناصر مغايره لمنهج أبناء الصحراء...هههه ( ضحكة مقتضبة كأنها تقول للمشاهد مرة ثانية  تبقى تقابلنى لو فهمت حاجة ..والله لعقدك )

تقع المذيعة مرة أخرى فى حيص بيص وتغمض عينيها الجميلتان المرسومتان بعناية فائقة ولكن لحقها المُعّد بالسؤال التالى : ماهو رأيك فى الثوره اليمنية وبالمره التونسيه

الفيلسوف : الثوار اليمنيين ماذا يريدون التغيير أو التطوير وهل التغيير يأتى قبل التطوير  أو يحدث العكس

تقاطعه المذيعة وتكمل باقى العبارات وهى تقول : وماهو الفرق بين التطوير والتغيير وهل عندهم آلية للتطوير وأخرى للتغيير وماهو المنتج النهائى من التطويير والتغيير.....ألخ

الضيف الفيلسوف وهو سعيد : برافوو !! ..هههه ( ضحكة مقتضبة كأنها يقول للمذيعة أخيرا فهمت ما أريد )

وفى النهاية تأتى أشارة المخرج من وراء الكاميرا بأنهاء الحديث أو سكى على الزبون.. تتنفس الصعداء قطعة الجاتوه وهى تقول : كان معكم الخبير الأستراتيجى والمحلل الفلسفى اللواء دكتور أركان حرب : سيد بازوكا

المذيعة بعد أنتهاء البرنامج تمسك فى خناق المخرج والمعد والضيف وتترك لهم الأستديو وهى تسب وتلعن وهى تقول : أيه القرف أللى جايبينه ده

2- الفرق بين التغيير والتطوير

لأم عاشور وعم عبده

عجبنى قوى هذا الديالوج التليفزيونى وظلت كلماته ترن فى رأسى ولم يتبقى منه غير كلمتى التغيير والتطوير  فقلت أيوه صحيح  ..علىّ النعمة الراجل ده بيتكلم صح.. فالثورة ماذا تريد  التغيير أو التطوير وأيه معنى التغيير والتطوير طرحت هذا السؤال على فئات مختلفة من الشعب فوجدت كم هائل من الأفكار والأجابات التى لم تخطر لى على بال ولا على بال المحلل الأستراتيجى اللواء دكتور سيد بازوكا .. فقلت فى نفسى أبدأ بنفسك وأهلك وشيعتك الأقربين ثم بعد ذلك على مختلف الأطياف ولو أمكن نجرى عليه أستفتاء عام لمعرفة رأى الشعب هل يريد التغيير حقا أو التطوير  

كان يوم جمعة موعد حضور أم عاشور لتنظيف البيت فقلت فرصة نعرف رأى الطبقة المطحونة فقلت لها : ألا قوليلى يا أم عاشور أيه رأيك فى التغيير والتطوير وأيهما أحسن من وجهة نظرك المتواضعة .. نظرت لي وهى تضع يدها فى خصرها  وهى ترفع الحاجب اليمين وتخفض الشمال(خلى بالك لم يصدر منها هذا التصرف قبل الثورة )

وقالت بأقتضاب : لو على التغيير أنا غيرت فرش السراير كله ولو على التدوير أنا حدور الغسالة دلوقتى .. ياستى قصدى التطوير مش التدوير .. أيه بقى أسم الله عليك التطوير ده

أنا أعرف لو فيه خناقة صغيره بين العيال فى الحارة ممكن تكبر وتكبر ونقول أن العملية اطورت لو تدخل فيها الأهالى

هذه وجهة نظر أم عاشور وهى أن التغيير المقصود به تغيير ملايات السراير والتطوير هو تدخل الأهالى فى مشاجرات الأولاد فى الحارة

مازلنا مع الطبقة المطحونة ونسأل عم عبده البواب عن التغيير والتطوير قال : لو على التغيير أدفع عشرة جنية ولو على التطوير أعمل طلب لشركة الغاز وأدفع 2000 جنيه غير الأنبوبه

لم أطلب منه الشرح فقد فهمت أن وجهة نظره فى التغيير المقصود به تغيير أنبوبة البوتاجاز والتطوير هو تقديم طلب للشركة مع دفع التكاليف لأدخال الغاز للشقة .. كلام زى الفل ووجهة نظر تحترم

تركت الطبقة المطحونه وقلت نرتقى شوية ونشوف الطبقة الأقل طحنا وكانت فرصة بعد صلاة الجمعة أن أدخل صالون الحلاقة لأهذب شعرى وأطرح نفس السؤال على الأسطى سمير صاحب المقص الذهبى المشهور بالرغى والفكر المغاير حسب طبيعة الزبون .. قال : التغيير فى مهنتنا لا مؤاخذه هو أن أحلق للزبون على الزيرو وأخلى رأسه تلمع زى المراية أما التطوير فهو قَوصّة جديده على  بانج مع صبغة على شوية جيل .. سألته وأنا سعيد بفكرة التطوير : تفتكر يا أسطى سمير أن التطوير أللى بتقول عليه ده ينفع فى حالتى .. بدت السعادة على وجهه فى المرآة وتوقف عن القص وهو يمط شفتيه وهو يقلب فى شعرى وهو غير مقتنع ثم يقول : ينفع بس حيكلفك شويه .. طالما فيها تكلفة خلينا فى التغيير

أذن هذه هى وجهة نظر الأسطى سمير الحلاق بأن التغيير أنك تجيبها على الزيرو وتخليها زى المراية أما التطوير فهو عمل بانج مع صبغة على شوية جيل ويمكن أن يكلفك هذا بعض الشيئ 

نكمل بعد الفاصل

3- عبد الفتاح عشان ترتاح وعبير للتغيير

نترك الطبقة المطحونه وندخل على النصف مطحونه من المتعلمين والموظفين وأصحاب المعاشات ونسألهم نفس السؤال أيهما أفضل لمصر التغيير أو التطوير
وأستقر بنا المقام فى مكتب الأستاذ عبد الفتاح فرج الله والست عبير زينهم وهما من موظفى الدوله بالحكم المحلى الذى وصفه الحاج زكريا عزمى بأن الفساد فيه للروكب ويقال والعهدة على الراوى بأنه وصل للخياشيم .. ما علينا يقول عبد الفتاح : من الأخر كده عشان ترتاح ماكنش واجب أن الثورة دى تقوم من أساسه
أيه لزمته الناس اللى ماتت وأللى أتعورت خدوا من كده أيه غير البهدله ووقف الحال ماهو كنا عايشين ومقضينها بالطول وبالعرض أهو أحنا بقى أللى لفينا الحبل حولين رقبتنا خد عندك من هنا ورايح مفيش شوغلانه ألا وحتتعقرب بالقوانين واللوائح والتعليمات !!
– توضيح لو سمحت يا عوبد
- عندك أنا مثلا ماسك مخالفات الأشغالات فى المحافظة دلوقتى أللى بينطس مخالفة بيدفعها ورجله فوق رقبته كان الأول قبل الهوجة أللى بيقولوا عليها ثورة الزبون يدفع الأكرامية وهو قاعد معزز مكرم وحاطط رجل على رجل وتترفع المخالفة وكان الله بالسر عليم .
- بس دى مش أكراميه ياعوبد دى رشوه ..
- لأ بقى أكراميه وفرق أسعار وغلاء معيشه ومقابل خدمة بنقدمها للمواطن أدفع لعبد الفتاح عشان ترتاح ولو عايز تغيير أدخل على الست عبير
نشوف الست عبير ونسألها نفس السؤال أيهما أفضل لمصر التغيير أو التطوير ردت عليا الست عبير بكل ثقة : تطوير ايه وكلام فارغ أيه أنا مع التغيير أقطع العرق وسيح دمه أحنا لسه حنهنن ونطبطب يامحترم .. عجبنى منطقها الثورى الست عبير فى تسييح الدم وقطع العرق ولكنها لما توضح لى بطريقة عملية كيف ومتى وأين سيتم هذا التغيير فى قسم المخالفات فى المحافظه .. قالت بمنطق السيده العاقله الكومل وهى تقمع البامية التى أحضرتها معها فى المكتب : شوف يا أستاذ الدفاتر والملفات دى كولها مليانه مخالفات .. بينزل الموظف المسؤل يلف فى الحى طول النهار يحرر المخالفات ويبعتها للقسم المالى لتحديد قيمة المخالفة ثم تعتمد من المدير وتنزل لنسجلها فى الدفاتر وبعدين نحرر أخطار للمواطن علشان ييجى يدفع قيمة المخالفة ويقوم بتقديم طلب عليه ورقة دمغة ويقف فى طابور طويل أمام الخزينه لتسديدها أو يدخل لعبد الفتاح عشان يرتاح وهو حكالك بيعمل معاه أيه .. فيه بعض المواطنين مابيسألوش فنضطر نحول المخالفة على النيابة لعمل قضية وورق رايح وورق جاى زى ما أنت شايف .. أنا بقى مع تغيير كل القرف ده وألغاء قسم المخالفات فى المحافظه وتوفير المال والجهد والورق والدفاتر عن طريق فرض ضريبة مخالفات على المواطنين من المنبع وكان الله بالسر عليم ولا حوجة لعبد الفتاح عشان ترتاح ولا لأنعام عشان تنام وخليك مع عبير من أجل التغيير ....وهاتى الكوسه ياسامية أنا خلصت الباميه

فاصل ونواصل