الخميس، 19 يوليو 2012


- سيدة تتزعم ثورة الجياع
في ظل الأوضاع المأساوية لثورة الجياع يروي المؤرخ المقريزي في كتابه
(إغاثة الأمة في كشف الغمة): عندما دخلت مصر فى مجاعة فى أواسط القرن السادس عشر وضمن هذه الظروف الصعبة أن سيدةً من نساء القاهرة كانت على شيءٍ من الثراء آلمها صياح أطفالها الصغار وهم يبكون من الجوع فلجأت إلى شكمجية حُليها وأخذت تقلب ما فيها من مجوهرات ومصوغات ثم تتحسر لأنها تمتلك ثروةً طائلةً ولا تستطيع شراء رغيف واحد فاختارت عقدًا ثمينًا من اللؤلؤ تزيد قيمته على ألف دينار، وخرجت تطوف أسواق القاهرة والفسطاط فلا تجد مَن يشتريه، وأخيرًا استطاعت أن تقنع أحد التجار بشرائه مقابل كيسٍ من الدقيق واستأجرت أحد الحمَّالين لنقل الكيس إلى بيتها.

ولكنها لم تكد تخطو بضع خطواتٍ حتى هاجمها جحافل الجياع، فاغتصبوا الدقيق، وعندئذٍ لم تجد مفرًّا من أن تزاحمهم حتى اختطفت لنفسها حفنةً من الدقيق وانطلقت تجري بها حتى وصلت إلى بيتها فعكفت على عجن حفنة الدقيق وصنعت منها قرصةً صغيرةً وخبزتها، وانطلقت إلى الشارع صائحة: الجوع الجوع.. الخبز الخبز، والتفَّ حولها الرجال والنساء والأطفال وسارت معهم إلى قصر الخليفة المستنصر، ووقفت على مكانٍ مرتفعٍ ثم أخرجت القرصة من طيات ثوبها ورفعتها بيديها ولوحت بها وهي تصيح: أيها الناس لتعلموا أن هذه القرصة كلفتني ألف دينار، فادعوا معي لمولاي السلطان المستنصر الذي أسعد الله الناس بأيامه، وأعاد عليهم بركات حسن نظره حتى تقومت عليَّ هذه القرصة بألف دينار.

فلما سمع المستنصر الصارخ أطلَّ من شرفته، وعلم بما حدث، فاشتدَّ به الجزع لما أصاب الرعية، وامتعض له أشد الامتعاض، مما دفعه أن يفعل شيئًا، فأرسل يستدعي والي القاهرة، وشدد عليه بأن يتخذ التدابير الحاسمة لكي تخرج الغلال إلى الأسواق وإلا فُصل رأسه عن جسده، وكان الوالي ماكرًا، وزاده الحرص على حياته مكرًا ودهاءً، فخرج واستدعى جماعةً من المجرمين المحكوم عليهم بالسجن سنواتٍ طوالاً، وألبسهم ملابس التجار الأثرياء، وحجزهم في غرفةٍ من داره، ثم أرسل فاستدعى تجار الغلال في القاهرة والفسطاط، فلمَّا تكامل عددهم أمر حاجبه فأحضر واحدًا من المجرمين حتى فاجأه الوالي بقوله: "ألم يكفك أيها التاجر أن عصيت أمر مولانا الخليفة حتى حبست الغلال ومنعتها عن الأسواق وتسببت في هذه المجاعة التي كادت تؤذي بالشعب؟

وقبل أن يفيق الرجل من ذهوله وقبل أن يفتح فمه بكلمةٍ للدفاع عن نفسه كان السياف أطاح برأسه، وفعل نفس الحيلة مع تاجرٍ آخر، وهنا علت وجوه التجار صفرة الموت فخروا راكعين متوسلين العفو عنهم على أن يخرجوا ما في مخازنهم من قمحٍ ودقيقٍ إلى الأسواق، ويبيعوا رطل الخبز بدرهم واحد، ولكن الوالي لم يقبل وطلب إليهم أن يكتفوا بدرهم واحد ثمنًا لرطلين، وفي ساعاتٍ قليلة كانت الأسواق قد امتلأت بالقمح والخبز والدقيق!!.

وبدأت الدولة تُقدِّر أن إبعاد شبح المجاعة عن مصر لا يتأتي إلا بتخزين الحبوب، فخصصت من ميزانيتها كل عامٍ مائة ألف دينار لشراء محصول القمح وتخزينه، وكان هذا الاحتياطي في وقت الحاجة يوزع على الطحانين والخبازين، وكذلك كان للدولة متاجر تملكها لبيع الغلال ودكاكين لبيع الخبز بقصد تثبيت سعرها المواد الغذائية الأخرى بإقامة سعر لكل شيء حتى لا يتلاعب التجار بالأسعار

·     أنتهى كلام المقريزى من كتابه إغاثة الأمة في كشف الغمة

ليست هناك تعليقات:

قهوة الحراميه

  ألتف الحرامية حول المعلم فيشه شيخ المنصر وهم فى حالة تزمر وأنزعاج بعد أن أعلن عن نيته فى التوبه والأعداد لرحلة الحج فقال له مقص الحرامى : ...