خالتى باتعه وسلالم الحب
تورمت عيناها من البكاء وهى على وتيرة واحدة-ما خدوش يابابا ماخدوش- حتاخديه ورجلك فوق رقبتك ..أنا خلاص أديت أبو العريس كلمة وما أقدرش أرجع فيها ..عايزانى أطلع صغير قدام كبرات البلد..أنا الحاج عبد المقصود حتت بت مفعوصة زيك تمشى كلامها عليا ..يمين بالثلاثة أن ما جوزتى عبد الفتاح لاأطلق أمك وأرميكم زى الكلاب- خلاص ياحاج ما تزعلش نفسك سيبها وأنا أتصرف معاهاالحاج : أهى عندك أنا خارج تعقليها وألا قسما عظما..؟؟ -خلاص ياحاج ماتحلفش تانى أخرج أنت بالسلامه ولما ترجع حتلاقى كل شيئ تمام التمامالحاج : تتكم القرف آدى آخرة التعليم ودلعك لبناتك ياحسنية ( يصفق الباب بشدة ويخرج وهو يسب ويلعن )حسنيه تربت بحنان على أبنتها وتمسح دموعها وتحتتضنها وهى تبكى هى الأخرى) حسنية : عاجبك كده ياباتعه ..تخلى أبوكى يحلف عليا يمين بالطلاق ..عايزه الناس تاكل وش أبوكى ويقولوا أن حسنيهما عرفتش تربى(تعود باتعه للبكاء مرة أخرى وهى تقول : حرام والله العظيمحرام ولا فى شرع ولا فى دين يرضى بأللى بيحصل ده ..أنا حاموت نفسى ..أحنا ياناس فى سنة 1950 ولسه عايشينكأننا فى العشرينات)حسنيه : ماله عبد الفتاح طول وعرض وحلاوه ومبسوط وعنده شيئ وشويات وحيعيشك برنسيسه باتعة : مش شايفه ياماما طوله قد أيه وأنا طولى قد أيهواحد طوله 195 سم يتجوز واحدده مش مكمله ال150 سمده يا أمى بيوطى لما بيخش من الباب ..ودماغه بتخبط فى النجف والمراوح ..قول لى أتصرف معاه أزاى ده حسنيه : لو كان على الطول ..فالطول قيمه وسيما ..حد يطول يتجوز عبد الفتاحباتعة : ما البلد مليانه بنات من طوله وأطول منه أيه أللى عاجبه فى واحدة أأقصر منه بكتير ..طيب لما آجى أأنجشهأأننجشه من رجله..حرام ياماما أللى بتعملوه فيه ده وبعدين أنا عايزه أكمل دراستىحسنيه : الراجل موافق أنك تكملى..وافقى يابنتى ربنا يهديكى.. يرضيكى أن أمك تطلق ويتشرد أخواتك ..أن كان يرضيكى أعملى أللى أنت عايزاه بس ذنبى وذنب أخواتك فى رقبتك(باتعه تطرق إلى الأرض وهى تتشنف وتحاول أن توقف دموعها ثم ترفع رأسها وتضعها فى حضن أمها وهى تقول علشان خاطرك ياماما وخاطر أخواتى الصغيرين . حسنيه تقبلها وهى تقول : مبروك ياباتعه يجعله من بختك ونصيبك ..ولماييجى أبوكى ماتفتحيش بقك بكلمة سيب الباقى عليا ويابخت من رضى عليه والديه.. قومى أغسلى وشك وأتوليتى وألبسى الفستان الجديد علشان العريس وأهله جيين العصريه يقرأوا فاتحتك ..قومى وأستغفرى ربنا وأستعيذى بالله من الشيطان الرجيمباتعه : أستغفر الله العظيم أنا للله وأنا إليه راجعون
أضيئت دار الحاج عبد المقصود بالكهارب .. والمزمار والطبل البلدى يدق والأهل والأصدقاء يرقصون فى المندرة والشربات يوزع على المعازيم ..و يلتف حولها صحباتها وأولاد عمومتها وهم يزوقونها ويقرصونها فى ركبتها كعادة البنات الاتى لم يتزوجن... وأخيرا صرخت باتعه- كفايه الله يخرب بيوتكم أنا رجليا أزرقت من كتر القرص هى رجلى كلها قد أيه حرام عليكم ..أقفى هنا يابت يا زهره بالقله دى وأى واحدة تقرب منى أضربيها على دماغها - يرتفع صوت الموسيقى ومعها تهليل الأطفال ..العريس جه..العريس جه - ترتعش فرائض باتعه وهى تشاهد عريسها العملاق وهو يدخل الغرفة ليحملها على الجمل إلى بيت الزوجيه- فتنظر إلى أمها فى هلع فتزداد دموعها وهى تخبئ وجهها بيدها وهى تقول: مع السلامه ياباتعه ..خلى بالك من نفسك يا بنتى ..ربنا يوفقك ياضنايا..أهئ أهئ أهئ- يتقدم عبد الفتاح من باتعه بخطوات واثقه ويقبلها فى رأسها ويرفعها عاليا بين ذراعيه وهى تنظر فى هلع بعد أن أرتفعت فوق رؤوس المدعوين كالدمية التى يلعب بها الأطفال وتستسلم باتعه لمصيرها المحتوم فتغلق عينيها وتصم أذنيها من الضجيج وصوت طلقات الرصاص لتجد نفسها وحيده فى داخل التختروان والزفه تحيطها من كل جانب وهى تسير إلى منزل الزوجيه الجديد وهى لاتتوقف عن قرائة القرآن
فى الصباحيه
- حسنيه : ألف مبروك ياعروسه شرفت أبوكى وشرفت عيلتك (تزغرد وهى تلوح بالمنديل ؟؟ )- أزى الحال عامل أيه عبد الفتاح معاكى- باتعه( فى خجل) : كويس وطيب قوى يامه.- حسنيه : ربنا يهنيكى ..ياله شدى حيلك أملى الدار عيالباتعه : عيال أيه يامه أنا أتفقت أنا وعبد الفتاح أن مفيش عيال قبل ماخد الشهادة وأروح الجامعة وهو موافقحسنيه : أيه أللى بتقوليه ده ياباتعه ..بالذمه ده كلام..وهى حماتك وأخوات جوزك حيسبوكى فى حالكهاتى ليهم حتت عيل يفرحوا بيه وبعدين أبقى أعملى أللى أنت عايزاه( يدخل عيد الفتاح وهو يضحك )عبد الفتاح : الكلام ده قلته أنما هى مصممه ..أعمل أيه قوللها أنت ياخالهباتعه : أللى تشوفوه أمها تقبلها وعبد الفتاح يحتضنها ويدعوان لها أن يخلف عليها وتدس لها النقوط تحت وسادتها
ويمر العام
يدخل عبد الفتاح وهو مهللا : باتعة نجحت ياولاد زغردتى يامه ووزعى الشربات- أوزع الشربات يوم ماشوف عوضك ( تمصمص شفتاها)عبد الفتاح : مبروك ياباتعة طلعتى من أوائل المديريه( يحتضنها فى حب وسعادة )باتعة : بس فرحتنا يوم ماجايب لك عيل تشيله فوق كتافك يا عبده عبد الفتاح : ولا يهمك بكره ربنا يرزقنا ..وأنشا الله لما نقدملك فى مدرسة المعلمين العليا فى طنطا نبقى نعدى على الحكيم نشوف أيه الحكايةالطبيب ينظر فى التحليلات والأشعه ويضرب كف على كفعبد الفتاح فى لهفة وخوف : فيه أيه يادكتور ؟؟الدكتور هى دى التحاليل بتاعتكم - أيوه يادكتور..هو فيه يادكتور خضتناالدكتور : مش ممكن أنتم الأثنين زى الفل وكل واحد فيكم مفهوش أى مانع من الخلفه..سبحان الله..أصبروا ياولاد وفرج ربنا قريب- ونعمه بالله- وفى المساء يجلس عبدالفتاح وباتعه فى المندره بين أبيه وأمه وأخواته البنات - عبد الفتاح : تصدقى يامه النهارده كنا عند الحكيم فى البندر وشاف التحاليل وقال لى أنى أنا وباتعه كويسين ومفيش حاجه تمنعنا من الخلفهأمه: ده كلام برضة يخش العقل ..أمال أيه ياضنايا أللى مانع الخلفهعبد الفتاح : لما يأذن ربنا- أبوه: سبحان الله- أخته خضره( المتزوجه فى الدار): يبقى أكيد دمكم زفر - زى عطيات ومرعى فاضلوا مجوزين 7 سنين ومخلفوش أطلقوا هو أتجوز وخلف وهى أتجوزت وخلفت- تقوم باتعة وقد تغيروجهها وتترك القاعدة وتصعد إلى غرفتها وهى غاضبه- عبد الفتاح يهب واقفا :باتعه..باتعة ويوجه كلامه لأخته- تتك البله فى ملافظك وأنت زى البهيمه أللى بتنطح..عارفه لو تعرضت ليها تانى حاشوف شغلى معاكخضرة : هو أنا قلت أيه يعنى ..مش بأقول الحقيقة هو أنا دوستلها على طرف يا عبدهعبد الفتاح : أكتمى خالص مش عايز أسمع صوتك ..قبر
يلمك
عبد الفتاح : حلفتك بأغلى شيئ عندك ما تعيطى ياغاليه..ماأنت عارفه البت خضره وغباوتها وآدى راسك أبوسها أمسحيها فييه أنا ..أنا أقدر أسيبك ده أنا بحبك من زمان جوى أيام ماكنتى صغنونه وبتروحى المدرسه..كنت اقعد قدام دارنا أستنى أشوفك وانت راجعهمنوره زى البدر..صلى على النبى بجه وقومى نتعشى سواباتعه: عليه الصلاة والسلام ..يعنى هو بيدى ياعبده وشايف أللى بتعمله فيه أمك وأخواتك ..أنا تعبت معاهمعبد الفتاح: ولايهمك ياباتعه أنا عارف ..من بكره رايح أشوف دار عبد الكريم أللى بحرى البلد أشتريها وننقل فيهاباتعه : لا ياعبده ده حتكلفك كتير وفر فلوسها لتجارتكعبد الفتاح : ده أنتى وش السعد عليا من ساعة مادخلتى الدار أنا مقدرش على بعدك لحظه يا ست الستاتتبتسم باتعه فى خجل : قوم ياعبده نتعشىعبده : أهو كده روقى ينعل أبو أللى يزعلك
وبعد خمس سنوات
تتخرج باتعه من مدرسة المعلمات ويتم تعيينها فى أحدى مدارس البلد..ويزداد حبها لعبد الفتاح الذى كبرت تجارته وأصبح من أثرياء البلد ولم ينقص حبه لها بالرغم من عدم الخلفة طوال هذه السنين لم يتركا طبيب أومشعوز أو دجال أومشايخ ألا مروا عليه لعل الشفاء يأتى على يديهعبد الفتاح : أيه رأيك فى دارنا الجديده مش ناقصك حاجه أجيبها معاي من البندرباتعه : الدار ناقصه العيال ياعبده وده بأيد ربنا بس أنا عايزه سلم خشب بثلاث درجات ياريتك ياعبده تعمله عند النجارفى البندرعبده : غالى والطلب رخيص تأمرى بحاجة تانيه ..بسبوسه..حلاوه ..شوكلاته قولىباتعه : خيرك مغرقنا ياسى عبدهعبده : خلى الوليه أم أسماعين جانبك تشوف طلباتك ..يقبلها ويخرجباتعه : تروح وترجع بألف سلامه( وفى المساء يرجع عبده إلى بيته وهو يحمل السلم ذو الدرجات الثلاثة إلى غرفة باتعة )عبده :مساء الخير ياست الحلوين..جيبت لك طلبكباتعه :( تصعد درجات السلم ) لف ياعبده ..نزل دراعاتك لتحت تفك له شال العمه وتخلع عنه العبايه ..كده مظبوطعبده : يانهار وأنا عمال طول السكه أقول أنت حتعملى أيه بالسلم ده باتعه : من هنا ورايح تيجى تقف قدام السلم علشان أقلعك وألبسك بأيدى ..وآدينى أهه بقيت أطول منك يضحكان حتى تدمع عيناهما ويقضيان اليل فى سعادةوأنبساط
الحاجه باتعة
وتمر سنتان وهما فى حب وسعاده ودعاء أن تكمل فرحتهما بالأولاد..وفى صباح أحد الأيامباتعه : صباح الخير ياعبده ..أنا ياعبده قرب صلاة الفجر شوفت لك حلمعبده : خير اللهم ما أجعله خيرباتعه : شوفت يا عبده زى مايكون نور نازل من السماء وأنا وأنت ماشيين فيه لحد ماوصلن للكعبة الشريفه فطفنا مع الناس لحد ماخلصنا ومسكنا فى أيدين بعض وأحنا بنعيط فجالنا وأحد شكله جميل وهو بلبس الأحرامومسح دموعنا بأيديه وماقلش غير كلمتين بس قال فرجه قريب أشربوا من الميه دى وشاور بأصبعه على بير خلق كتير ملمومه عليهوصحيت على أذان الفجر وهو بيقول الله أكبر (عبده يحتضنها بأبويه وحب ويطبطب عليها بحنان )- ماشاء الله أيه الكلام الجميل ده ع الصبح ..أنتى كده حجيت ياباتعه وربنا يقدرنى نطلع السنه دى الحج ..قومى بأه نفطر وهاتى السلم بتاعك ولبسيينى بأيديكى الحلوين دول وكمان علشان ما تتأخريش على المدرسه ..أتكالنا عليك ياكريم..صبحنا وصبح الملك لله
- وبعد عدة أيام-
- عبده : باتعه ..بتعتع ..بتوعتى أفرحى وهنينى - باتعه : خير أن شاالله ياعبده- عبده : أنت بنت حلال ..حلمك حيتحقق وآدى تذاكر السفر حنطلع نحج- تجلس باتعة فى الأرض وهى تبكى بحرقة
- 5 –
تحقيق الحلم
يسافر عبده وباتعه إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضةالحج ..ويطوفا مع الطائفين ويركعوا مع الركعين ويبتهلون إلى الله أن يمن عليهم من فضله وفى طوأف الأفاضهباتعه : عبده أنا عايزه ياعبده أبوس الحجر الأسعد وأقف أمام باب الكعبهعبده : الناس زحمه قوى يابنتى ..ربنا ييسر تعالى قدامى وتنفتح أمامهما ثغرة كأنها طريق فيجدان أنفسهما وجها لوجه أمام باب الكعبة..يصرخان بكل ما أوتيا من قوة بدعائهما وهم يتعلقان بأستار الكعبه( يارب ..يالطيف ..يامنان ..أرزق عبدك وعبدتك من كرمك ورحمتك بالخلف الصالح..يارب ..يارب يامجيب الدعاء )وفاضت الدموع وأمتلء القلبان بالسكينة والهدوء يعودان من رحلة الحج فينحر عبد الفتاح العجول ويوزعها على الفقراء والمساكين
وبعد شهرين من الحج
باتعه : عبده أنا نفسى فى جعضيد وحتة جبنه قديمهعبده : يبقى حصل باتعه: هو أيه أللى حصلعبده : أنتى بتتوحمى ياغاليه..أنا حابعت أجيب الحكيم حالا..ألف نهار مبروك يأم محمد باتعة : أيه أللى بتقولوه يا عبده ..عرفت أنى حامل وكمان حنجيب محمد.. ياخويا!!عبده : أنا ظنى مايخيبش وباقالى كام يوم حاسس أن فيه تغيير عليكى ..حاقوم أجيب الحكيم ما تتحركيش من مكانكياماأنت كريم يارب( وخرج عبده مهرولا لأحضار الطبيب الطبيب: (بعد الكشف ) ألف مبروك ياحاج ..الحاجه حاملعبده : يا ألف نهار أبيض ..زغردى ياأم أسماعين ..ونادى على الواد أسماعين يسقى الشربات ويدبح عجلينياما أنت كريم ياربمبروك يا أم محمد مبروك يابتعتى ربنايتمم لك على خير ياه بعد سبع سنين جبرت بخاطرنا ..فرجه قريب باتعه : كفايه كده يابو محمد أحسن أنت عارف دمعتى قريبه..الحمد والشكر لك يارب ..ياحبيبى يارسول اللهجانى وبشرنى ووو..دموعها تنساب وهى ساجده مع زوجها شكرا وحمدا لله
زيادة الخير خيرين
وفى يوم عمت فيه الفرحة وضعت باتعة توأمين جميلينذكر وأنثى فسماهما محمد وخديجه ولم يمضى عامان ألا أن وضعت توأمين آخرين ذكرين فسماهما على وحمزه ومضت سنوات العمر وأمتلء البيت بضجيج الأطفال وصراخهم وتفرغت باتعة تماما لتربيتهمولم تدم الفرحة إلى الأبد فهكذا هى الحياه فقد رحل عبد الفتاح وهو فى الخمسين من عمره بعد أن صارع المرض لعدة أشهر ليقابل ربه وكانت آخر كلماته هى بحبك ياباتعهوظلت باتعه على العهد تسحب سلمها الصغير وتصعد عليه لتمسح التراب عن صورة حبيبها الغالى وتلقى عليه تحية الصباح فتسمع بأذن وجدانها صوت عبدالفتاح وهو يقول لها( أحبك ياباتعه ) فتبتسم وتسحب سلالم الحب لتبدأ يوم جديد
النهايه
تورمت عيناها من البكاء وهى على وتيرة واحدة-ما خدوش يابابا ماخدوش- حتاخديه ورجلك فوق رقبتك ..أنا خلاص أديت أبو العريس كلمة وما أقدرش أرجع فيها ..عايزانى أطلع صغير قدام كبرات البلد..أنا الحاج عبد المقصود حتت بت مفعوصة زيك تمشى كلامها عليا ..يمين بالثلاثة أن ما جوزتى عبد الفتاح لاأطلق أمك وأرميكم زى الكلاب- خلاص ياحاج ما تزعلش نفسك سيبها وأنا أتصرف معاهاالحاج : أهى عندك أنا خارج تعقليها وألا قسما عظما..؟؟ -خلاص ياحاج ماتحلفش تانى أخرج أنت بالسلامه ولما ترجع حتلاقى كل شيئ تمام التمامالحاج : تتكم القرف آدى آخرة التعليم ودلعك لبناتك ياحسنية ( يصفق الباب بشدة ويخرج وهو يسب ويلعن )حسنيه تربت بحنان على أبنتها وتمسح دموعها وتحتتضنها وهى تبكى هى الأخرى) حسنية : عاجبك كده ياباتعه ..تخلى أبوكى يحلف عليا يمين بالطلاق ..عايزه الناس تاكل وش أبوكى ويقولوا أن حسنيهما عرفتش تربى(تعود باتعه للبكاء مرة أخرى وهى تقول : حرام والله العظيمحرام ولا فى شرع ولا فى دين يرضى بأللى بيحصل ده ..أنا حاموت نفسى ..أحنا ياناس فى سنة 1950 ولسه عايشينكأننا فى العشرينات)حسنيه : ماله عبد الفتاح طول وعرض وحلاوه ومبسوط وعنده شيئ وشويات وحيعيشك برنسيسه باتعة : مش شايفه ياماما طوله قد أيه وأنا طولى قد أيهواحد طوله 195 سم يتجوز واحدده مش مكمله ال150 سمده يا أمى بيوطى لما بيخش من الباب ..ودماغه بتخبط فى النجف والمراوح ..قول لى أتصرف معاه أزاى ده حسنيه : لو كان على الطول ..فالطول قيمه وسيما ..حد يطول يتجوز عبد الفتاحباتعة : ما البلد مليانه بنات من طوله وأطول منه أيه أللى عاجبه فى واحدة أأقصر منه بكتير ..طيب لما آجى أأنجشهأأننجشه من رجله..حرام ياماما أللى بتعملوه فيه ده وبعدين أنا عايزه أكمل دراستىحسنيه : الراجل موافق أنك تكملى..وافقى يابنتى ربنا يهديكى.. يرضيكى أن أمك تطلق ويتشرد أخواتك ..أن كان يرضيكى أعملى أللى أنت عايزاه بس ذنبى وذنب أخواتك فى رقبتك(باتعه تطرق إلى الأرض وهى تتشنف وتحاول أن توقف دموعها ثم ترفع رأسها وتضعها فى حضن أمها وهى تقول علشان خاطرك ياماما وخاطر أخواتى الصغيرين . حسنيه تقبلها وهى تقول : مبروك ياباتعه يجعله من بختك ونصيبك ..ولماييجى أبوكى ماتفتحيش بقك بكلمة سيب الباقى عليا ويابخت من رضى عليه والديه.. قومى أغسلى وشك وأتوليتى وألبسى الفستان الجديد علشان العريس وأهله جيين العصريه يقرأوا فاتحتك ..قومى وأستغفرى ربنا وأستعيذى بالله من الشيطان الرجيمباتعه : أستغفر الله العظيم أنا للله وأنا إليه راجعون
أضيئت دار الحاج عبد المقصود بالكهارب .. والمزمار والطبل البلدى يدق والأهل والأصدقاء يرقصون فى المندرة والشربات يوزع على المعازيم ..و يلتف حولها صحباتها وأولاد عمومتها وهم يزوقونها ويقرصونها فى ركبتها كعادة البنات الاتى لم يتزوجن... وأخيرا صرخت باتعه- كفايه الله يخرب بيوتكم أنا رجليا أزرقت من كتر القرص هى رجلى كلها قد أيه حرام عليكم ..أقفى هنا يابت يا زهره بالقله دى وأى واحدة تقرب منى أضربيها على دماغها - يرتفع صوت الموسيقى ومعها تهليل الأطفال ..العريس جه..العريس جه - ترتعش فرائض باتعه وهى تشاهد عريسها العملاق وهو يدخل الغرفة ليحملها على الجمل إلى بيت الزوجيه- فتنظر إلى أمها فى هلع فتزداد دموعها وهى تخبئ وجهها بيدها وهى تقول: مع السلامه ياباتعه ..خلى بالك من نفسك يا بنتى ..ربنا يوفقك ياضنايا..أهئ أهئ أهئ- يتقدم عبد الفتاح من باتعه بخطوات واثقه ويقبلها فى رأسها ويرفعها عاليا بين ذراعيه وهى تنظر فى هلع بعد أن أرتفعت فوق رؤوس المدعوين كالدمية التى يلعب بها الأطفال وتستسلم باتعه لمصيرها المحتوم فتغلق عينيها وتصم أذنيها من الضجيج وصوت طلقات الرصاص لتجد نفسها وحيده فى داخل التختروان والزفه تحيطها من كل جانب وهى تسير إلى منزل الزوجيه الجديد وهى لاتتوقف عن قرائة القرآن
فى الصباحيه
- حسنيه : ألف مبروك ياعروسه شرفت أبوكى وشرفت عيلتك (تزغرد وهى تلوح بالمنديل ؟؟ )- أزى الحال عامل أيه عبد الفتاح معاكى- باتعه( فى خجل) : كويس وطيب قوى يامه.- حسنيه : ربنا يهنيكى ..ياله شدى حيلك أملى الدار عيالباتعه : عيال أيه يامه أنا أتفقت أنا وعبد الفتاح أن مفيش عيال قبل ماخد الشهادة وأروح الجامعة وهو موافقحسنيه : أيه أللى بتقوليه ده ياباتعه ..بالذمه ده كلام..وهى حماتك وأخوات جوزك حيسبوكى فى حالكهاتى ليهم حتت عيل يفرحوا بيه وبعدين أبقى أعملى أللى أنت عايزاه( يدخل عيد الفتاح وهو يضحك )عبد الفتاح : الكلام ده قلته أنما هى مصممه ..أعمل أيه قوللها أنت ياخالهباتعه : أللى تشوفوه أمها تقبلها وعبد الفتاح يحتضنها ويدعوان لها أن يخلف عليها وتدس لها النقوط تحت وسادتها
ويمر العام
يدخل عبد الفتاح وهو مهللا : باتعة نجحت ياولاد زغردتى يامه ووزعى الشربات- أوزع الشربات يوم ماشوف عوضك ( تمصمص شفتاها)عبد الفتاح : مبروك ياباتعة طلعتى من أوائل المديريه( يحتضنها فى حب وسعادة )باتعة : بس فرحتنا يوم ماجايب لك عيل تشيله فوق كتافك يا عبده عبد الفتاح : ولا يهمك بكره ربنا يرزقنا ..وأنشا الله لما نقدملك فى مدرسة المعلمين العليا فى طنطا نبقى نعدى على الحكيم نشوف أيه الحكايةالطبيب ينظر فى التحليلات والأشعه ويضرب كف على كفعبد الفتاح فى لهفة وخوف : فيه أيه يادكتور ؟؟الدكتور هى دى التحاليل بتاعتكم - أيوه يادكتور..هو فيه يادكتور خضتناالدكتور : مش ممكن أنتم الأثنين زى الفل وكل واحد فيكم مفهوش أى مانع من الخلفه..سبحان الله..أصبروا ياولاد وفرج ربنا قريب- ونعمه بالله- وفى المساء يجلس عبدالفتاح وباتعه فى المندره بين أبيه وأمه وأخواته البنات - عبد الفتاح : تصدقى يامه النهارده كنا عند الحكيم فى البندر وشاف التحاليل وقال لى أنى أنا وباتعه كويسين ومفيش حاجه تمنعنا من الخلفهأمه: ده كلام برضة يخش العقل ..أمال أيه ياضنايا أللى مانع الخلفهعبد الفتاح : لما يأذن ربنا- أبوه: سبحان الله- أخته خضره( المتزوجه فى الدار): يبقى أكيد دمكم زفر - زى عطيات ومرعى فاضلوا مجوزين 7 سنين ومخلفوش أطلقوا هو أتجوز وخلف وهى أتجوزت وخلفت- تقوم باتعة وقد تغيروجهها وتترك القاعدة وتصعد إلى غرفتها وهى غاضبه- عبد الفتاح يهب واقفا :باتعه..باتعة ويوجه كلامه لأخته- تتك البله فى ملافظك وأنت زى البهيمه أللى بتنطح..عارفه لو تعرضت ليها تانى حاشوف شغلى معاكخضرة : هو أنا قلت أيه يعنى ..مش بأقول الحقيقة هو أنا دوستلها على طرف يا عبدهعبد الفتاح : أكتمى خالص مش عايز أسمع صوتك ..قبر
يلمك
عبد الفتاح : حلفتك بأغلى شيئ عندك ما تعيطى ياغاليه..ماأنت عارفه البت خضره وغباوتها وآدى راسك أبوسها أمسحيها فييه أنا ..أنا أقدر أسيبك ده أنا بحبك من زمان جوى أيام ماكنتى صغنونه وبتروحى المدرسه..كنت اقعد قدام دارنا أستنى أشوفك وانت راجعهمنوره زى البدر..صلى على النبى بجه وقومى نتعشى سواباتعه: عليه الصلاة والسلام ..يعنى هو بيدى ياعبده وشايف أللى بتعمله فيه أمك وأخواتك ..أنا تعبت معاهمعبد الفتاح: ولايهمك ياباتعه أنا عارف ..من بكره رايح أشوف دار عبد الكريم أللى بحرى البلد أشتريها وننقل فيهاباتعه : لا ياعبده ده حتكلفك كتير وفر فلوسها لتجارتكعبد الفتاح : ده أنتى وش السعد عليا من ساعة مادخلتى الدار أنا مقدرش على بعدك لحظه يا ست الستاتتبتسم باتعه فى خجل : قوم ياعبده نتعشىعبده : أهو كده روقى ينعل أبو أللى يزعلك
وبعد خمس سنوات
تتخرج باتعه من مدرسة المعلمات ويتم تعيينها فى أحدى مدارس البلد..ويزداد حبها لعبد الفتاح الذى كبرت تجارته وأصبح من أثرياء البلد ولم ينقص حبه لها بالرغم من عدم الخلفة طوال هذه السنين لم يتركا طبيب أومشعوز أو دجال أومشايخ ألا مروا عليه لعل الشفاء يأتى على يديهعبد الفتاح : أيه رأيك فى دارنا الجديده مش ناقصك حاجه أجيبها معاي من البندرباتعه : الدار ناقصه العيال ياعبده وده بأيد ربنا بس أنا عايزه سلم خشب بثلاث درجات ياريتك ياعبده تعمله عند النجارفى البندرعبده : غالى والطلب رخيص تأمرى بحاجة تانيه ..بسبوسه..حلاوه ..شوكلاته قولىباتعه : خيرك مغرقنا ياسى عبدهعبده : خلى الوليه أم أسماعين جانبك تشوف طلباتك ..يقبلها ويخرجباتعه : تروح وترجع بألف سلامه( وفى المساء يرجع عبده إلى بيته وهو يحمل السلم ذو الدرجات الثلاثة إلى غرفة باتعة )عبده :مساء الخير ياست الحلوين..جيبت لك طلبكباتعه :( تصعد درجات السلم ) لف ياعبده ..نزل دراعاتك لتحت تفك له شال العمه وتخلع عنه العبايه ..كده مظبوطعبده : يانهار وأنا عمال طول السكه أقول أنت حتعملى أيه بالسلم ده باتعه : من هنا ورايح تيجى تقف قدام السلم علشان أقلعك وألبسك بأيدى ..وآدينى أهه بقيت أطول منك يضحكان حتى تدمع عيناهما ويقضيان اليل فى سعادةوأنبساط
الحاجه باتعة
وتمر سنتان وهما فى حب وسعاده ودعاء أن تكمل فرحتهما بالأولاد..وفى صباح أحد الأيامباتعه : صباح الخير ياعبده ..أنا ياعبده قرب صلاة الفجر شوفت لك حلمعبده : خير اللهم ما أجعله خيرباتعه : شوفت يا عبده زى مايكون نور نازل من السماء وأنا وأنت ماشيين فيه لحد ماوصلن للكعبة الشريفه فطفنا مع الناس لحد ماخلصنا ومسكنا فى أيدين بعض وأحنا بنعيط فجالنا وأحد شكله جميل وهو بلبس الأحرامومسح دموعنا بأيديه وماقلش غير كلمتين بس قال فرجه قريب أشربوا من الميه دى وشاور بأصبعه على بير خلق كتير ملمومه عليهوصحيت على أذان الفجر وهو بيقول الله أكبر (عبده يحتضنها بأبويه وحب ويطبطب عليها بحنان )- ماشاء الله أيه الكلام الجميل ده ع الصبح ..أنتى كده حجيت ياباتعه وربنا يقدرنى نطلع السنه دى الحج ..قومى بأه نفطر وهاتى السلم بتاعك ولبسيينى بأيديكى الحلوين دول وكمان علشان ما تتأخريش على المدرسه ..أتكالنا عليك ياكريم..صبحنا وصبح الملك لله
- وبعد عدة أيام-
- عبده : باتعه ..بتعتع ..بتوعتى أفرحى وهنينى - باتعه : خير أن شاالله ياعبده- عبده : أنت بنت حلال ..حلمك حيتحقق وآدى تذاكر السفر حنطلع نحج- تجلس باتعة فى الأرض وهى تبكى بحرقة
- 5 –
تحقيق الحلم
يسافر عبده وباتعه إلى الأراضى المقدسة لأداء فريضةالحج ..ويطوفا مع الطائفين ويركعوا مع الركعين ويبتهلون إلى الله أن يمن عليهم من فضله وفى طوأف الأفاضهباتعه : عبده أنا عايزه ياعبده أبوس الحجر الأسعد وأقف أمام باب الكعبهعبده : الناس زحمه قوى يابنتى ..ربنا ييسر تعالى قدامى وتنفتح أمامهما ثغرة كأنها طريق فيجدان أنفسهما وجها لوجه أمام باب الكعبة..يصرخان بكل ما أوتيا من قوة بدعائهما وهم يتعلقان بأستار الكعبه( يارب ..يالطيف ..يامنان ..أرزق عبدك وعبدتك من كرمك ورحمتك بالخلف الصالح..يارب ..يارب يامجيب الدعاء )وفاضت الدموع وأمتلء القلبان بالسكينة والهدوء يعودان من رحلة الحج فينحر عبد الفتاح العجول ويوزعها على الفقراء والمساكين
وبعد شهرين من الحج
باتعه : عبده أنا نفسى فى جعضيد وحتة جبنه قديمهعبده : يبقى حصل باتعه: هو أيه أللى حصلعبده : أنتى بتتوحمى ياغاليه..أنا حابعت أجيب الحكيم حالا..ألف نهار مبروك يأم محمد باتعة : أيه أللى بتقولوه يا عبده ..عرفت أنى حامل وكمان حنجيب محمد.. ياخويا!!عبده : أنا ظنى مايخيبش وباقالى كام يوم حاسس أن فيه تغيير عليكى ..حاقوم أجيب الحكيم ما تتحركيش من مكانكياماأنت كريم يارب( وخرج عبده مهرولا لأحضار الطبيب الطبيب: (بعد الكشف ) ألف مبروك ياحاج ..الحاجه حاملعبده : يا ألف نهار أبيض ..زغردى ياأم أسماعين ..ونادى على الواد أسماعين يسقى الشربات ويدبح عجلينياما أنت كريم ياربمبروك يا أم محمد مبروك يابتعتى ربنايتمم لك على خير ياه بعد سبع سنين جبرت بخاطرنا ..فرجه قريب باتعه : كفايه كده يابو محمد أحسن أنت عارف دمعتى قريبه..الحمد والشكر لك يارب ..ياحبيبى يارسول اللهجانى وبشرنى ووو..دموعها تنساب وهى ساجده مع زوجها شكرا وحمدا لله
زيادة الخير خيرين
وفى يوم عمت فيه الفرحة وضعت باتعة توأمين جميلينذكر وأنثى فسماهما محمد وخديجه ولم يمضى عامان ألا أن وضعت توأمين آخرين ذكرين فسماهما على وحمزه ومضت سنوات العمر وأمتلء البيت بضجيج الأطفال وصراخهم وتفرغت باتعة تماما لتربيتهمولم تدم الفرحة إلى الأبد فهكذا هى الحياه فقد رحل عبد الفتاح وهو فى الخمسين من عمره بعد أن صارع المرض لعدة أشهر ليقابل ربه وكانت آخر كلماته هى بحبك ياباتعهوظلت باتعه على العهد تسحب سلمها الصغير وتصعد عليه لتمسح التراب عن صورة حبيبها الغالى وتلقى عليه تحية الصباح فتسمع بأذن وجدانها صوت عبدالفتاح وهو يقول لها( أحبك ياباتعه ) فتبتسم وتسحب سلالم الحب لتبدأ يوم جديد
النهايه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق