السبت، 20 ديسمبر 2008

ماما مجيده



ماما مجيده
مدام مجيده امرأة نشيطه فى الأربعينيات من عمرها يقال عنها بنت ذوات وحيدة على ثلاثة من الأخوة البنين وبالتالى لاقت من الحب والتدليل والدلع من أمها وهى صغيرة مالم يلاقيه أخوانها من الذكور.. تزوجت وهى فى العشرين أثناء دراستها فى الجامعة من (إبراهيم) المعيد بأحد الأقسام بعد قصة حب رائعة تحاك عنها الزملاء والأصدقاء ورزقها الله بولدين غاية فى الظرف والجمال.. ولم تبخل عليهما بجهد أو مال أو تربيه ولكنها كانت تتمنى أن يرزقها الله ببنت تسعدها وتجعلها أخت وصديقة وحبيبه ومن شدة حبها لخلفة البنات باتت تحلم وتدعو الله فى كل مرة أن يرزقها ببنت ولكنها لم تحمل بعد الولدين ولم تترك طبيب سمعت عنه ألا وعرضت نفسها ليصف لها دواء يساعدها لتحمل مرة أخرى ويعطيها سببا لعدم خلفتها ولكن فى النهايه فشلت وأستسلمت لقدر الله وحمدته على ما أعطاها من فضله ولكنها لم تتنازل عن حلمها فى أن يكون لها بنت وظل هذا الحلم يراودها من حين لأخر
عملت مجيده فى أدارة الجامعة التى يعمل بها إبراهيم ووصلت إلى مرتبه رفيعة لتصبح مدير إدارة ..متميزة فى عملها محبوبه من رؤسائها ومرؤسيها على قدر كبير من الجمال والشياكه..لم تبخل بجهد فى أسعاد أسرتها الصغيره
حتى ظهرت فى حياتهم الأنسه( ناديه) الموظفة فى أدارة مجيده التى لم يحالفها الحظ باللحاق بقطار الزواج لقلة أسهمها فى سوق الجمال ولكنها كانت تملك روحا جميله وخفة ظل ولسان يقطر عسلا وأسلوب دبلوماسى رفيع المستوى فى مجال العلاقات الأنسانيه فأتخذتها مجيده كأبنه لها تصبغ عليها عطفها وأمومتها وعرفتها على أسرتها وهى واثقه بأن دمامتها لاتشجع أحد من أبنائها أو زوجها على أن يطمع فيها أو يشتهيها ..وأصبحت تزورها زيارات شبه يوميه فى بيتها حتى عادت كأنها فرد أساسى من الأسرة..وعندما يسألها البعض عن تعمق العلاقة بينهما إلى حد كبير كانت ترد عليهم بأن ناديه أبنتها التى حلمت كثيرا بأن يرزقها ببنت مثلها وقد أستجاب الله طلبها بعد طول غياب وأنها تثق فى زوجها وأولادها تمام الثقة لما يتمتعون به من أخلاق وعلم ودين
أما ناديه فكان لها أسلوب محبب فى التداخل والتقارب والتعاطف مع أسرة مجيده وكانت فى أحيان كثيرة تعود من العمل فى عربتها وتقضى معها فترتى المساء والسهرة يتحدثون ويتسامرون وتخرجان سويا للفسحة والتسوق وتذهب معهم للمصيف فبدون ناديه يصبح المصيف كئيبا مملا وبدون ناديه يصبح الغداء بدون طعم.. فقد كان هذا دائما رأى مجيدة وباقى أفراد أسرتها
ومنذ وفاة والدة ناديه من عدة سنوات تزوج أبيها من إمرأة أخرى جميله وصغيرة يتقارب سنها من سن أبنته مما أدى إلى ان نشأت بينهما العديد من المشاكل والمشاجرات الشبه يوميه وكان الأب يقف دائما فى صف زوجته الجديده ويوبخ أبنته أن لم يكن فى بعض الأحوال يقوم بضربها أرضاء لها
فأذاقتها الزوجة الجديدة الذل والقهر أشكال وأللوان فلجأت إلى صدر مجيده التى فرغت فيها حب الأمومه وتعوضها عن حلمها القديم فى أن يكون لها أبنه تحبها وتكون سر لها وقد نجحت ناديه بجميع المقاييس أن تغزو قلوب الأسرة الصغيرة الهادئة بالكامل وتصبح نجمها المفضل الوحيد
وتستمر هذه العلاقه الطيبه بينهم لدرجة أنها أصبحت مستشار الأسرة وموضع ثقتهم جميعا فى أى مشكله تواجه أى فرد فيهم يتم أخذ رأى( نانا ) وهو أسم التدليل الذى يحلو لهم جميعا مناداتها به وهى تبذل من الجهد والمجاملات لكل واحد فيهم فلا تترك مناسبه ألا وقدمت الهدايا الرمزيه والمشاركة بقوة فى تجهيز حفلات الأسرة..ووصل الأمر أن تقوم مجيده بأرسالها فى وسط النهار إلى بيتها لأعداد الغداء او متابعة مرض أحد أبنائها أو زوجها ..علاقة فى ظاهرها أنسانيه بريئه لا غبار عليها فالكل يتعامل معها بأحترام وحب وود ..حتى وقع مالم يكن فى الحسبان
فقد نشأت علاقة حب وغرام ليس بينها وبين أحد أبناء مجيده الشبان ولكن كانت بينها وبين الدكتور إبراهيم زوج مجيده المحترم الذى تعدى الخمسين عاما.. الذى تزوجها فى السر وأشترى لها شقة فى ضواحى القاهرة الراقيه وأسسها بأحسن الأثاث كل هذا وهى لاتقطع زيارتها عن بيت مجيده وتتعامل معها كأم وأبنتها.. والزوجه المخدوعة لا تدرى عن الأمر شيئ ويستمر زواجها بالدكتور عامين أو أكثر من خلف ظهر مجيده الجميله الشيك بنت الذوات الواثقة من نفسها.. ولكن الله شاء أن يكشف سرهما على يد أحدى الموظفات التى تزوجت حديثا وسكنت بالعمارة المجاورة للعمارة التى تقيم فيها ناديه والدكتور إبراهيم وتشاهدهما سويا وهما متأبطين الأذرع فى منتصف النهار ودخول وخروج الدكتور أبراهيم من عندها فى وقت متأخر من الليل وعندما سألت البواب عنهما قال :لها أنهما مقيمان بهذه الشقة منذ عام ونصف تقريبا وأن الشقة بأسم السيدة ناديه زوجة الدكتور أبراهيم
وتحكى الموظفة ما شاهدته وما سمعته لمجيده فتطلب منها العنوان ..وفى يوم أخبر إبراهيم مجيدة بأنه سيتأخر بالعمل ولا تنتظره على الغداء وتظاهرت مجيده بعدم الأهتمام وأخذت عربتها وخرجت تبحث عن العنوان حتى وصلت إلى الشقة ودقت الجرس وهى تتمنى أن يكون ماسمعته من كلام مجرد شائعات أو غيرة موظفين وتدعو الله فى سرها أن لايقع ماقيل وتظل تدق على الجرس حتى يأست وقررت ان ترجع وقد أمتلء قلبها بطمأنينه مضطربه وعندما همت بالنزول سمعت صوت أنثوى يأتيها من وراء الباب بالأنتظار..
وتفاجأ بناديه وهى تفتح لها بقميص النوم فتدخل دون أن تتكلم أى كلمه وتتجه إلى غرفة النوم لتجد الدكتور بالبيجامه فى السرير وكانت الفضيحة والصريخ والصوات والشتيمه بينهم بأحط الألفاظ وفى النهايه تتجه نانا إلى الدولاب وتخرج لها وثيقة الزواج فتنهار مجيده وتبصق فى وجههما وتقفل راجعة إلى بيتها وسكين الحزن يقطع قلبها من هول المفاجأة وبشاعة الجرم اللذان أرتكباه فى حقها..وتظل تسأل نفسها وهى تبكى فى سيارتها سؤال واحد تكرره وهى تنتحب ..طب ليه ؟؟ ..طب ليه ؟؟ هل جزاء الحب والأحسان.. الخيانه والعقوق
أه يامن كنت حبيبى ..وأه منك يامن كنتى أحب لنفسى من أولادى وأتخذت منك أبنه وصديقه ورفيقة !!..ليه؟؟..ليه؟؟ أنى أدعوك ربى أن تأخذ ثأرى ممن ظلمنى وحطم حياتى
ولم يعد الدكتور إبراهيم فى هذه الليله ولا الليالى التاليه خجلا وخوفا من مجابهة غضب مجيده ولكنه يسأل عن أولاده فى التليفون وعندما يسألوه عن سبب غيابه عن البيت يرجع الأمر إلى سوء تفاهم بسيط بينه وبين والدتهما سينتهى قريبا فيطلبان منه أن يعود سريعا وأن يسوى هذا الخلاف بعد أن سائت حالة أمهما النفسيه والصحية فيوعدهما بأنه سيعود قريبا ويطلب منهم أن يواسياها ويقفا بجانبها ويبلغاها بندمه وأعتذاره لها ويرسل كافة مطالبهم مع السائق
والأخبار السيئة تنتشر بسرعة كالعادة وأصبحت سيرة ناديه والدكتور على كل لسان وخاصة السيدات والبنات فمنهم من يقول أنهما متزوجان وآخرين يقولون أنها علاقة آثمه والبعض يقولون بأن الدكتور غلط معها بعد أن أستدرجته وأنه تزوجها ليصلح غلطته وكثرت الشائعات وأصبح أطراف القصة محور الكلام اليومى بين الموظفين والموظفات والعمال والدكاترة والطلبه ولاقت ناديه الكثير من الأحتكاكات والتلميحات الفاضحة وهى متماسكه أما مجيده ظهر على وجهها الحزن والشحوب وعدم التركيز وزادها الهم سنوات كثيرة على عمرها وهى تبكى دائما عندما تختلى بنفسها وتشكو لربها وتحتسب على ما ألم بها وهى لا تفصح عما بها حتى لأقرب الناس لها وأولادها على وجه الخصوص ووقفت متماسكه أمام الجميع فى عزة وكبرياء مصطنع مفضله عدم الرد على الأشاعات أو الكلام الذى يدار فى أروقة الأدارة والأدارات الأخرى
وعندما أشتد الكلام وسوء المعامله لناديه من زميلاتها فى العمل حضرت فى يوم وهى ترتدى فستان فاضح قصيروبدون أكمام ومكياج صارخ بعد أن خلعت الحجاب وأطلقت شعرها بعد أن صبغته باللون الأصفر لينسدل على كتفها العارى ودارت تلف على مكاتب الموظفين الموجودين والغير موجودين منهم وهى تضحك بصوت عالى بطريقة مبتذله وتوزع صور من وثيقة الزواج وهى تقول : ياحاضر أعلم الغائب بأن علاقتى بزوج المديرة علاقة شرعيه نظيفه وأللى عنده كلمه يلمها !!
وفى النهايه أدخلت وثيقة الزواج ومعها طلب نقل من الأدارة لمكتب مجيده مع فراش مكتبها.. فتخرج مجيده عن شعورها وتندفع من مكتبها لتشتبك مع ناديه بالأيدى ويتراشقان الألفاظ الجارحه ثم تنتهى الخناقة بشد الشعر الأصفر المصبوغ مع العض والخرابيش بالأظافر وتصل الأخبار بسرعة البرق إلى مكتب رئيس الجامعة فيحضر مدير الأمن ناديه ومجيده إلى مكتبه ويستمع إلى تفاصيل القصة من كافة الأطراف والشهود وفى وجود الشؤن القانونيه وينتهى التحقيق فيأمر رئيس الجامعة بندب ناديه إلى وزارة الحكم المحلى وينقل الدكتور أبراهيم إلى فرع الجامعة فى الصعيد ومجازاة مجيده جزاء أدارى لقيامها بضرب وسب موظف عمومى
ولم تنتهى القصة عند هذا الحد فيتصل الشابان بوالدهما بعد أن عرف بتفاصيل الخيانه من بعض الأصدقاء ويطلبان مقابلته ويتفقوا معه أن يقوم فورا بأيقاع الطلاق على ناديه قبل أن يفاتحا أمهما على عودته للبيت
يطلق إبراهيم ناديه ويحتضن الولدان أمهما ويستحلفنها بالعفو عن أبيهم ليعود ليعيش معهم مرة أخرى وتدرك مجيده الخطأ الذى وقعت فيه وهى أنها أتاحت الفرصة الكامله لهذه الأنسانه الخائنه أن تدخل أسرتها وتدمر علاقتها بزوجها
ويعود إبراهيم إلى بيته وهو فى منتهى الندم ويعتذر باكيا لمجيده التى لعقت جراحها وسامحته على فعلته ظاهريا ولكن قلبها الضعيف لم يتحمل هذه الصدمه ودخلت فى مرض طويل يعقبه عملية قلب مفتوح ويجلس إبراهيم إلى جوارها فى المستشفى وهو يبكى ويستعطفها أن تسامحة وتعفو عنه ولكن روحها الطاهرة تصعد إلى بارئها وهى تلعن خلفة ودلع البنات تاركة ورائها ذكرى حزينه لولديها الشابان وأبيهم الكهل النادم وأحساسه المرير بجرمه تجاه زوجته المحبه الراحله عن عمر لم يتجاوز الخامسة والأربعين عاما
أما ناديه فقد غنمت الشقة والأثاث الجديد ولم تتوقف فى مشوارها للبحث عن زوج بديل.... فتزوجت مديرها الثرى فى الأدارة المحليه رجل عنده خمسة أولاد وزوجه وأحفاد وكأنه أصبح أمر معتاد أن تتزوج مرات عديده من رجال متزوجين وكان أولهم زوج مجيده التى أحبتها وأعتبرتها أبنه لها بعد أن عضت يدها التى قدمت لها الحب والحنان والدلع..حتى يجيء أنتقام الله وتحكم عدالة السماء بأن تقع فى رجل نصاب غليظ القلب يجعلها تتنازل عن كل ماتملك من مال وعفش وشقة ويطلقها ويرميها فى الطريق لتعود مرة أخرى ذليلة مكسورة إلى عذاب زوجة أبيها..ويتملكها اليأس والأحباط والشعور بالندم ويدفعها شيطانها ن تحرق نفسها وتموت بعد أيام من العذاب فى المستشفى وهى تنادى على روح مجيده : سامحينى ياماما مجيده.. سامحينى يا أمى
تمت




ليست هناك تعليقات:

قهوة الحراميه

  ألتف الحرامية حول المعلم فيشه شيخ المنصر وهم فى حالة تزمر وأنزعاج بعد أن أعلن عن نيته فى التوبه والأعداد لرحلة الحج فقال له مقص الحرامى : ...