الثلاثاء، 5 يناير 2010

يوميات عشوائى مثقف

يوميات طبيب فى العشوائيات
الحلقة رقم (1)
مقدمه
إلى كل المصريين الذين يعيشون فى المناطق عشوائية أقدم لهم هذه اليوميات تحية وتقديرعلى مقدرتهم فى العيش وهم ينحتون فى الصخر داخل هذا البلد
مسرح الأحداث
أنا الدكتور/عاطف عبد الحميد الشهير بالعشوائى وترجع هذه الشهرة لعدة أسباب أهمها وهو محل أقامتى وسكنى ونشأتى فى أكبر منطقة عشوائيه فى القاهرة الكبرى بعد أن نزحت أسرتى إليها لظروف عمل الوالد فى طايفة المعمار وعندما تيسرت المسائل معه وأصبح ريس طبليه فى صب الخرسانه أستدعانا أنا ووالدتى وأخواتى السته للأقامه معه فى البيت الذى بناه على شاطئ النيل على أرض من طرح النهر فى منطقة عشوائية بمركز حلوان ..والبيت لا بأس به فهو مبنى بكسر الطوب وبدون أعمده والأسقف من الخشب وكلما كبرنا وزاد دخله يقوم ببناء دور جديد حتى أصبح البيت خمسة أدوار بالتمام والكمال نفخر به وهو باثقا بين باقى البيوت ولكن كانت به مشكله صغيره تغلب عليها الوالد وهى الصرف الصحى فالأدوار الخمسه لا يوجد بها دورات مياه سوى دورة واحدة ملحقة بالدور الأرضى فمن يقيم بالدور الخامس عليه أن ينزل السلم الحجرى بدون ترابزين حتى يصل إلى الأرضى ويقضى حاجته وهو ونصيبه ليعود مرة أخرى أو يحمل إلى المستشفى ويرجع هذا لسببين أولا ضعف المياه وعدم وصولها حتى الدور الأول والسبب الثانى التصميم المعمارى الفريد للمعلم عبد الحميد أللى هو والدى.. الأسقف الخشبيه والحوائط الحامله لعدم تحملها للمياه التى ممكن أن تحول البيت إلى بسيسه.. فكان برج عبد الحميد هو المثال الذى أحتذى به كل الجيران من حولنا .
بيوت تصل إلى سبع أدوار بدورات مياه مشتركة فى الدور الأرضى لعدم وجود صرف صحى عمومى وبدأت تظهر من خلفنا كل عام بيوت كثيرة منها المبنى بطريقة الحاج عبد الحميد ومنها المبنى على الطراز الحديث خرسانات وأعمده ولا يوجد قانون يحكم عملية البناء أو تخطيط للأزقة التى وصل عرضها فى بعض الأحيان إلى متر أو أقل وأصبحت الشبابيك والبلكونات يسلم منها الجار على جاره المقابل بدون حرج وتعودنا على هذه الحياة وهذه الخنقة والحميمية المفرطة.. فمن أين نجد مكان فى القاهرة غير هذا المكان ومن المفارقات المضحكة حضور موظفى أملاك الدوله كل سنه للمنطقة ومعها المحصلين الذين يقومون بتحصيل أيجار الأرض من ملاك البيوت العشوائيه وهى تقريبا 3 جنيه للمترالمربع فى السنه
مجتمع عشوائى بمعنى الكلمه قائم نصفه على أرض زراعيه ونصفه الأخر على أملاك الدوله وطرح النهر.. الأدارة المحليه الممثله فى الأحياء ترفض أدخال الكهرباء والماء النقى وفى نفس الوقت تحصل العوايد السنويه عن هذه البيوت تحت مسمى الضريبه العقاريه أى أنها تحصل ضرائب وتحرمنا من الخدمات أما الكهرباء فقد تصرف البعض وأشترى ماكينة لتوليد كهرباء تغذى عدد محدود من البيوت والبعض قام بمد وصلات من المنازل القريبه التى دخلت بها الكهرباء أما الغالبية فقد أدخلت الكهرباء من أعمدة الأنارة التى تضيئ الكورنيش سرقة كده عينى عينك وكل من يستطيع عمل أى شيئ فى منطقتنا يفعله فلا بأس ولا غضاضه أو أعتراض فنحن فى عرف الحكومه عشوائيات نقاتل ونزور ونتحايل من أجل الحياة وتأتى لنا الفرصة والفرج كل أربع سنوات عندما يتغير مجلس الشعب ويظهر مرشحى الحكومه لكسب أصوات هذه المنطقة المزدحمه
ويقوم النواب المرشحين من الحزب الوطنى بالتوقيع على طلبات الأهالى بأدخال الكهرباء ومن الغريب أن الحى وشركة الكهرباء التى كانت ترفض منذ أربع سنوات تفتح أبوابها على مصراعيها لخدمة العشوائيين الذى يرجحون كفة المرشح الوطنى وبعد الأنتخابات يختفى النائب المحترم ولا يظهر فى المنطقة مرة أخرى..شيئ عادى فقد تم تبادل المنفعة بين الطرفين وأصبح لا حاجة لنا به



وسنحكى لكم على حلقات حكايات من المناطقة العشوائية التى أعيش فيها لعلها تعجبكم وتلقى الضوء على حياة المهمشين فى مصر أنها قصص واقعية
الحلقة رقم (2)
عزبة السلامونى
ويظهر بالقرب من بيتنا نبت غريب يختلف فى بنائه عن باقى بيوت المنطقة عبارة عن دوار ضخم يتسع ويتمدد كل عام على حساب مجرى النيل فيقوم سكانه كل عام بردم 10 متر من النيل لبناء عدة غرف عليها أما الصرف الصحى لهذه البيوت يكون طبيعى فى ماء النهر ..وأطلق سكان المنطقة على هذا النبت الجديد أسم عزبة السلامونى فجميع سكانها من عائلة واحده ومن قريه واحده فى محافظة الفيوم وتعمل النساء والبنات فى تجهيز الترمس والسرح به على الكورنيش أما الرجال والشباب فيعملون فى كل المهن أبتداء من المعمار وبيع غزل البنات والفشار والبلطجه والمخدرات.. ففى الصباح الباكر ومع شروق الشمس أشاهدهم من غرفتى فى الدور الخامس وهم فى صفوف متراصة يقضون حاجتهم على الشاطئ تلبيةٍ لنداء الطبيعة ثم الأستحمام فى مياه النيل رجالا أو نساءً ثم ينطلقوا إلى أعمالهم فى شكل مجموعات منهم من يحمل الترمس فى أوانى بلاستيكيه ومنهم من يجر العربات الكارو المحملة بالفاكهة والخضار ومنهم من يحمل ماكينة أسن السكينه وأسن المقص والباقى يحمل الكواريك والمعاول والمقاطف فى أنتظار عربة المقاول ..وقد دفعنى فضولى ذات يوم أن أدخل العزبة بحجة البحث عن نجار فشاهدت العجب فالدوار الذى يعيشون فيه له بوابه خشبيه ضخمه أمامها (باركينج) وهو عبارة عن حوش كبير لمبيت الحمير والعربات اليد والكارو وعربات غزل البنات والفشاروالتروسيكلات والعجل> عايز أعرف ما تأخذنيش يعنى يامعلم.. بتصرف على العدد الكبير ده منين؟؟ وبتكفيهم عيش أزاى
- شوف ياسيدى أحنا ما عندناش حد ما بيشتغلش كبير أو صغير ست أو راجل وكل واحد وهو راجع من شغله يسيب هنا أللى يقدر عليه خمسه جنيه ..عشره حسب رزقه وأللى يكون بعافيه وما أقدرش ينزل شغله رقبتى سداده من علاج وكسوه وأكل وشرب له ولعياله ومراته
> على كده العيال دى بتروح المدارس
> أومال يا أستاذ العيل الفالح وأللى ماشى فى التعليم بنسيبه يكمل ويشق طريقه أما لو خاب يطلع من الصبح يشيل قصعة المونه والبنت أللى تخيب تقعد تربى أخواتها وتشتغل على نول السجاد أو الخياطة أو تسرح بالترمس أو الخضار لحد ما نجوزها ونبنى لها أوضه
> ما فيش حد من العيله ساب العزبه وخرج عاش بره
< فيه طبعا الولاد أللى فلحوا وأتعلموا وأستوظفوا بيسكنوا بره فى مصر الجديده والمهندزين ومدينة نصر أنما عمرهم ما يقطعوا بأهلايهم هنا.. بييجوا يزورونا ويساعدونا علشان يردوا جميل أهاليهم أللى شقوا وتعبوا وراهم وربوهم وعلموهم
وبعد أن أنتهت جولتنا داخل العزبه توجه المعلم إلى مكانه المفضل تحت تكعيبة العنب المطله على النيل ليجلس على عرش العموديه وتجرى النسوه وهن تتسابقن فى خدمته وهو لا يتكلم وكانت أوامره بالنظره فقط ليعرفوا ماذا يريد وجلسنا نشرب الشاى وكانت شنطة الكشف قد وصلت ويصطف خارج التكعيبه طابور طويل من الأطفال أبناء المعلم وأحفاده لأقوم بالكشف عليهم وكان معظمهم يعانى من ألتهابات العيون والأمراض الجلديه والنزلات المعويه فكتبت لهم أدويه جماعيه تصلح للجميع ..وجاء الدور على المعلم سلامونى للكشف عليه
> أنت بتشتكى من أيه يامعلم
> ما بقتش يابنى زى الأول
> فهمت.. أنت عندك كام سنه يامعلم
> عندى قول كده 75 سنه يزيدوا يقلوا أنا مابعدش
> يامعلم حكتب لك على دوا حيخليك أحسن من الأول 100 مره
> عارف ياواد يادكتور لو الدواء جاب نتيجه حيكون لك الحلاوة الكبيرة قوى.. قوم بينا نشوف البت بخاطرها لأنها مش قادرة تقوم من مكانها تعال ما تكسفش
أدخل غرقة مظلمه لا يوجد بها مصدر للنور أو الهواء غير باب الغرفه المتواضعة التى ترقد بها فتاة لا يتعدى عمرها الثامنة عشر نحيلة ومتكومه فى آخر السرير وأبدأ الكشف وأنا أكتم نفسى من الروائح الكريهة لأفاجأ بأنتشار العديد من الأورام حول ساقيها وتحت الأبطين
> شوف يا معلم أنقلوها دلوقتى حالا على مستشفى الأورام الموجوده فى فم الخليح وربنا يتولاها
> حالا أجرى ياواد هات شحته من على القهوة بالميكرو باز ..أنا قولت كده لأمها من كذا شهر نوديها المستشفى تصهين وتقولى بكره تخف وتبقى زى الفل
ست متخلفه سابتها لحد ما البنت حتروح مننا
وأنا فى سرى أقول مش حتفرق معاك ياسلامونى العدد عندك فى الليمون يروح واحد ييجى عشرة إنا لله وإن إليه راجعون
الحلقة رقم (4 )
حكايات عشوائية
حكايات عشوائية







أما لقب المثقف فهذا يرجع إلى تعليمى العالى فقد كنت من المتفوقين أثناء فترة دراستى بمدارس العشوائيات حتى ألتحقت بكلية طب القصر العينى وكنت متحدث لبق (برابند) فقام والدى بتخصيص الدور الأرضى ليكون عياده أكشف بها على سكان المنطقة وبدأت أعمل فى العياده على خفيف وأنا فى السنه الثالثة حتى تخرجت وعلقت اليافطه المزدانه بالنيون على باب بيتنا فكنت أعاين جميع الحالات أطفال نساء ولاده /جراحة /باطنه /جلديه ومسالك /ألخ.. دكتور بتاع كله وأزدادت خبرتى مع مرور الأيام وزاد صيتى وشهرتى ورفعت الفيزيتا من جنيه إلى أتنين جنيه وفكرت أن أتوسع فى أعمالى فأشتريت بيت عشوائى من بابه فى وسط المنطقة به مياه وكهرباء وقام والدى بهدمه وأعادة بنائه مرة أخرى ليرتفع إلى أربعة أدوار كاملة بالخرسانه المسلحة




وأصبحت مستشفى الدكتور عاطف عبد الحميد أشهر مستشفى فى العشوائيات وألحقت بها صيدليه لبيع الدواء وأستعنت بعدد لا بأس به من الأطباء والطبيبات من زملاء العمل والكليه.. ولم أقوى على ملاحقة الطلبات والكشوفات فأنتعشت ماليا وأشتريت سيارة جديده وضعتها أمام باب المستشفى




أما الفقراء وهم الغالبية العظمى فقد خصصت لهم يوم بالمجان وبيع الدواء لهم بثمنه التجارى وكسبت من وراء ذلك بركة الدعاء والثواب عند الله
الحكاية رقم (1 )
رشدى السنارى مرشد الحكومه
رشدى السنارى يقال أنه مرشد فى البوليس ويسكن فى أحد الأزقة الضيقة أتخذ من قهوة زَعََبٌوله مركز له يقدم فيه خدماته لسكان الحى فى مختلف المصالح الحكوميه والتجنيد والأملاك ورئاسة الحى فى حلوان بصفة خاصة فكان يجول ويصول فيها
فيستخرج أى أوراق رسميه مختومه بختم الشعار للمبانى العشوائيه التى تظهر كل يوم لأدخال الكهرباء والماء ويثبت فيها بأن المبنى مقام قبل قرار الحاكم العسكرى بمنع المرافق عن البيوت التى تم أنشائها بعد زلزال أكتوبر عام 1992
وبذلك يمكنه من أدخال الكهرباء وكانت تتكلف هذه الورقة بين 500 إلى 700 جنيه حسب مقدرة الطالب وأستخرجت مئات التصاريح وعندما توجه أصحابها لتقديمها للحى سٌحِبَتْ منهم وأحيلوا للنيابه بتهمة التزوير فقد كان يقوم بنقل ختم الشعار ببيضه مسلوقه على نموذج جديد به التاريخ الذى يريده وأجتمع الأهالى فى مسيره ضخمه لقهوة زعبله للقبض على رشدى السنارى وتسليمه للبوليس وأسترجاع مادفعوه وكان يوما له العجب فقد هرب رشدى وخلفه العشرات من الشباب وهم يحملون العصى والنبابيت حتى قبضوا عليه بعد مقاومه عنيفه فقد كان ضخم الجثة كحال مخبرين الدخليه ولكن الكثره تغلب الشجاعة فقد وقع فى يد من يرحم من الغوغاء حتى سقط على الأرض مضرجا فى دمائه فحملته أمرأته وأولاده إلى المشفى الخاص بى لأنقاذه وهو فاقد النطق
وضع رشدى السنارى فى غرفة الأستقبال وقام الأطباء بأجراء الأسعافات الأوليه
وكان لابد من الأتصال ببوليس النجده الذى حضر بعد ساعة كان فيها رشدى قد فارق الحياة متأثرا بجراحه وأجرى البوليس التحقيقات اللازمه وأخطرت النيابه التى أمرت بنقل الجثة للمشرحة وتكليف المباحث بالبحث عن المتهمين
وأصبح مقر رئيس المباحث ومعاونيه بالمستشفى على مدى أسبوع أمتنع فيه الأهالى عن زيارة العياده وفى دردشه مع عصام بيه ضابط المباحث
> أنتم قدرتم تعرفوا مين أللى ضرب المخبر بتاعكم ولا لسه
> أولا هو مش المخبر بتاعنا وعمره ماكان بيشتغل فى البوليس ..الواد ده مسجل خطر نصب وأحتيال وتزوير وأتحكم عليه فى كذا قضيه وأتسجن وخرج من السجن وكانت عليه مراقبه وسكن هو وعيلته عندكم هنا فى العشوائيات وكان كل أللى يشوفه فى القسم يفتكر أنه بيشتغل مرشد وهو فى الحقيقة كان بييجى يمضى فى متابعة المجرمين وكان بيقدم بعض المعلومات عن الهاربين والسكان الجدد الذين وردوا للمنطقة وأصبح عضو فعال للمباحث فى الأبلاغ عن الأولاد المنتمين للجماعات الأسلاميه الهاربين من الصعيد عند قرايبهم هنا فى الحى ..وأحنا بندور على العيال أللى ضربته علشان نقفل القضيه لحد دلوقتى أحنا قبضنا على عشره مش عايزين منهم غير أتنين لتقديمهم للنيابه وهم وحظهم
الله يجحمه ماطرح ماراح كان عامل بلاوى ودى نهاية كل مجرم
الحلقة رقم (5)
تابع حكاية رشدى السنارى
وموقعة المعيز
 وأستكمالا للحديث مع معاون المباحث فى قضية رشدى السنارى
> بس أنا أعرف ياعصام بيه أن عدد كبير من الشباب أشتركوا فى ضربه ولم يقصدوا قتله لكن مقاومته وأستخدامه الشوم والسكاكين جعلت الناس تضربه بعنف أنا مش عارف ليه ماجتوش تقبضوا عليه بعد الناس ما قدمت فيه مئات البلاغات
> شوف يادكتور قضايا العشوائيات دى بنحاول بقدر الأمكان عدم التدخل فى نزاعتهم ونترك قانون الغابه يأخذ مجراه وماعلينا سوى القبض على القاتل أى كان ..أن شالله ظلم.. وأحمد يجيب أزدحمد.. وفى النهاية يتقدموا للمحكمه ..كلمه فى سرك أحنا كنا عارفين أن الأهالى حتقطعه وقد كان.. بعد أن كثرة مشاكله وبلاويه
> ياه يعنى أنتم عارفين بأللى حيحصل
> أيوه عارفين
يقوم ضابط المباحث ويترك المستشفى وينطلق فى الأزقة لعمل كبسات وتفتيش عن الهاربين بعد فحص البطاقات والملابس والأمتعة يخرج بحصيلة من عشرة صعايده من الذين يعملون فى المعمار ويضعهم فى ميكروباص المأموريه ويغادر المنطقة وتستمر حملات المباحث بطريقة شبه يوميه على البيوت والمحال والأزقة لمدة شهر ثم تتناقص تدريجيا ليعود الحال على ماهو عليه وأصبحت سيرة رشدى تتناقلها الألسن وهم يذكرون بلاويه وقذارته وتنتهى المناقشات بكلمه واحده وهى كلب وراح..وتترك أسرة رشدى السنارى الحى وتنفد بجلدها بعيدا عن غضب الأهالى ولا يعرف أحد ماذا تم فى هذه القضيه التى سجلت ضد مجهولين




الحكاية رقم ( 2 )
موقعة المعيز
من أشهر المعارك التى دارت فى هذا الحى العشوائى كان سببها معزة من عزبة السلامونى تسللت إلى مخزن للبقاله وألتهمت ما أستطاعت من فول وبسكويت وورق وعاثت فى المخزن فساداَ فتنبه عاشور البقال بعد فوات الأوان فما كان أن أنطلق فى أثرها هو وصبيانه وقبضوا عليها وذبحوها جهاراًَ نهاراًَ على قارعة الطريق وعلقت أمام المحل وقام عاشور بتوزيع لحمها على الأهالى والماره وعلم أبناء العزبه بما حدث لمعزتهم الشهيده فخرجوا عن بكرة أبيهم لأخذ الثأر ولا العار وبدأت المعركة كأى معركة مصريه بالعتاب ثم الشتيمه ثم الضرب ثم الكر والفر وقذف الحجارة والزجاجات الفارغة وقد أستمرت هذه المعركة على مدى يومين
أستعان فيها كل طرف بأعوانه وأهله وأنقسمت البلد شطرين أهالى البلده بحكم الجيرة والقرابه والنسب وأهالى العزبه المنظمين تحت قيادة المعلم سلامونى كبيرهم الذى كان يتقدم الصفوف وهو شاهر نبوته الشهير وفى أحدى الجولات أنطلق المعلم سلامونى خلف المهاجمين من سكان البلد ودخل ورائهم أحد الأزقة ولكنه وقع فى كمين قد نصب له وتوالت على رأسه الضخم النبابيت والحجارة حتى سقط مضرجا فى دمائه ويصل الخبر لباقى المهاجمين من أهل العزبه فيشتد وطيس المعركة وتعلوا قرقعات النبابيت والصرخات فى كل مكان ويبدأ المهاجمين فى حرق البيوت ويطلق الأهالى الكرات المشتعله على الدوار الكبير فى العزبة وترتفع ألسنة اللهب لتدمر عدد كبير من المنازل.. عند هذه اللحظه يتدخل الأمن المركزى الذى أحاط بالمنطقة منذ بداية المعركه ليفتح الطريق أمام عربات الأطفاء التى تلاقى صعوبه فى التحرك داخل الأزقة الضيقة ومع ضعف المياه فأحترق ما أحترق وأطفئ ما أستطاع الأهالى أطفائه وسدت جميع المداخل والمخارج أمام الفارين من كلا الطرفين بواسطة الجنود وتم القبض عليهم وقامت اللوارى بتحميل المئات وترحيلهم إلى المركز
الحلقة رقم (6)
شهداء موقعة المعيز
وفى هذا اليوم أستقبلت المستشفى أعداد غفيرة من المصابين ولم يستطع الأطباء تقديم الأسعافات بعد أن نفذت جميع المواد الطبيه وأصبحنا فى حيرة من أمرنا بعد أن منع البوليس دخول الأسعاف لنجدة الجرحى.. وفى نهاية اليوم الثانى بدأ أخلاء الضحايا وكانت حصيلة هذه المعركة مقتل 8 من أهل البلد مقابل 7 من العزبه وأعداد المصابين لا تحصى ولا تعد وأحتراق أربع منازل ونص العزبه البعيد عن ماء النيل وبعد حجز المشتبه بهم لمدة ثلاثة أيام من التحقيقات عرض على الطرفين الصلح فوافقوا على الفور تحت أشراف المحافظ وعضو مجلس الشعب وقيادات الحزب الوطنى وأفرج عن جميع المحتجزين
وحضر أهالى العزبه للمستشفى يطلبون مساعدتى وعلاج المعلم سلامونى فطلبت منهم أحضاره للمستشفى لتقدييم الرعاية الصحيحة فأحضروه ممدا فوق عربة كارو وحملوه لغرفة الكشف وأمرت الجميع بالأنتظار فى الخارج عدا أبنه الكبير بدر وهو لا يفرق عنه كثير فى الطول والعرض..وكشفت عليه فوجدت العديد من الجروح التى أسودت وبدأت تزحف الغرغرينه على باقى جسده
> هو أبوك عنده سكر > أيوه يادكتور بس عمره ما أخد دواء وبياكل كل الحلويات > ماخبيش عليك يابدر أبوك عنده تسمم دموى وغرغرينه فى حالة متقدمه وربنا يتولاه ..وفى غيبوبة السلامونى يفتح عينيه ويرفع ذراعه بصعوبه
ويشير لأبنه بثلاثة أصابع فيجرى عليه ويحتضنه وهو يقول : أوامرك حتتنفذ يابه ماتتعبش نفسك
> هو كان طالب أيه يابدر > كان بيأكد على ثلاثة حاجات وصانى بيهم
> أيه هم بقى > أن يتوزع ورثه بشرع ربنا على ولاده وستاته ..وأنى أكون مكانه بعد ماسلمنى الشومه بتاعته وأمشى على طريقته ..وأخيرا طلب أنه يدفن فى البلد (ثم أجهش بالبكاء ..ثم يقوم اولاده وأحفاده بحمله والعوده به للعزبه وسط صوويت وعويل النساء وبكاء الرجال وصريخ الأطفال فقد مات المعلم سلامونى الأب قبل أن يصل العزبه ليتولى بدر السلامونى الأبن مهام منصبه )




























الحكاية رقم (3)




صُبيّح العربجى




صبيح العربجى شاب أبيض جميل أزرق العين ذو شعر أصفر يشبه الممثلين الأجانب عندما تشاهده لا تقول أنه عربجى بأى حال من الأحوال ورث مهنته عن أبيه المعلم الضوى الشهير بشمشون.. أكبر عربجى فى الحى الذى تميز بقوته الخارقة التى يحكى ويتحاكى عنها المخضرمين من الأهالى فقد كان بمقدرته أن يقوم برفع ثلاثة جوالات من الدقيق فوق ظهره ويسير بها ويمكن أن يضغط على يد أشد الرجال فيسحقها ويستطيع أن يمسح الكتابه البارزة عن النصف ريال الفضه ..وشهرته هذه جعلته مهابا من الجميع ولكنه كان وديعاً طيب القلب ولم يذكر أحد أنه أستغل قوته فى البلطجة او الأفترى والظلم ولكنه كان مزواج من الدرجة الأولى فقد تزوج من بنات أصدقائه العربجية وكانت آخر زوجاته هى نحمده أم صبيح التى وصفت بأنها مهره وفرسه أصيله فقد كانت رائعة الجمال ذات مواصفات أوروبيه وقوام مصرى ملفوف فالعيون زرقاء والشعر أصفر والبشرة بيضاء كالحليب ولم يعجبها فى طايفة العربجيه غير شمشون فتزوجته ورضيت به بالرغم من وجود ضرر لها من زوجاته الأخريات ..ومكافأةًُ لها طلق كل نسوانه من أجلها وخلفت المهرة الأصيله خلفة جميله من بنات وبنين كان أجملهم صبيح الذى هامت به قلوب العذارى وغيرهن من نساء الحى ولكنه كان عفيف النفس لا يقرب الفاحشة رفيع الأخلاق خجول يمشى ملكا بجلبابه الأبيض الناصع البياض متبخترا بعربته الكارو المميزه وحصانه النظيف الذى يلمع جلده فى ضوء الشمس..وبعد أن صلى العشاء فى جماعة أقبل عليه الحاج محمود الشماس وأخذه من يده وسار به خارج المسجد




> خير ياحاج عندك نقلة ولا أيه ماتخليها الصبح ما النهار ليه عنين




> يا أخى ماتستعجلش على رزقك ..أنا عايزك تشرب معايا الشاى فى البيت




(وبعد أن يشربا الشاى يجلس الحاج محمود قبالته وعلى وجهه أبتسامه عريضه)




> خير فى سلامه > وسلامه فى خير




> شوف ياسيدى المثل بيقول أيه أخطب لبنتك ولا تخطبش لأبنك >كلام سليم




> أيه رأيك فى بنتى رجاء < ست البنات مؤدبه ومتعلمه ومستوظفه وبنت كبير الحته وأكبر تجارها >تعجبك ياصبيح > ست رجاء تعجب الباشا قصدك أيه ياحاج




> قصدى أنت فاهمه لأنها مش حتلاقى أحسن منك وأنا ما بأقدرش أأخر لها طلب دى بنت الوحيده زى ما أنت عارف وراحتها عندى بالدنيا ومافيها




> أنا ياحاج عربجى وأبويا عربجى وعيلتنا كلها عربجيه أيش جاب لجاب




> وأيه رأيك أن هى أختارتك أنت عن دون العرسان أللى أتقدمولها
> يادين النبى ..ده كتير قوى ياحاج محمود أزاى حتقول لصحابها أن جوزها قصدى خطيبها عربجى
> فضك من دى سيره عربجى عربجى ..أنت من النهارده حتبقى الأستاذ صبيح مدير أعمالى وجوز بنتى وشريكى
>واحده واحده ياحاج عشان أفهم .. النقله دى كثيره عليا..وعندنا مثل بيقلوه العربجيه ..شيل على قد طاقتك لحمارك ينخ
> ياعم مش حتنخ ولا حاجه المهم أنت موافق ..هاتى الشربات يارجاء
( تدخل رجاء وهى تحمل صنية الشربات وهى تنظر إلى الأرض خجلا وتضع الصنيه أمام صبيح ..فهى شابه خمريه ملفوفة القوام لها جمال وحشى وخفة دم المصريين وتضاريس أنثويه متناسقه تبدو واضحة من فستانها الضيق وتلتقى أعينهما وهى تضع الشربات على الطاوله أمامه فيبتسم أبتسامة رضا وهو يختلس النظر إليها وهى تستدير وتمشى وهى تهتز كأنثى ذكر البط تحرك مشاعر وأحاسيس الحجر الأصم ويقول وهو سعيد: موافق ياحاج طلباتك
> أحنا مالناش طلبات .. أنت عارف أن ربنا كرمنا والحمد لله مش عايزين منك حاجة.. خير ربنا كثير ياصبيح يابنى
يقف صبيح وهو محتدا : لا ياحاج مش صبيح أللى يتجوز كده ألا دى ..أنا راجل كسيب مايغركش شغلى وهيئتى أنا أدفع مهرها وجهازها زى مايكون ومن بكره أكون بانى ليها بيت على البحر يليق بمقام بنت كبير حتتنا آه
> راجل وأبن راجل ياصبيح ..طب أقعد بس وأستهدى بالله ..ياسيدى أعمل أللى يريحك ولو أحتجت حاجة من العين دى قبل العين دى..ونعم الأختيار يارجاء
> نقرأ الفاتحة بكره أجيب أمى وأخواتى وأهلى ونيجوا نخطبوها زى أجدعها عروسه فى الحى أحنا عربجية صحيح بس بنفهم فى الأصول ياحاج
> ونعمه الأصل ياصُبيٍح يابنى
الحلقة رقم (7)
الزفاف الكبير




فى هذا اليوم يتدفق على بيت العروس أهل صبيح فوق العربات الكارو وقد زينوا الحمير والأحصنه بالورود والشخاليل وهم يطبلون ويغنون ( أيوه ياواد خدت السنيوره أيوه ياواد وعرفت تنقى ) ويرقصون ويحمل النسوة فوق رؤسهن السلال والأسبته الصفراء المغطاه بالفوط والبشاكير هدايا أهل العريس للعروس وأنتشر الخبر فى البلد بطولها وعرضها فمنهم من فرح لحبهم لصبيح ومنهم من تحسر لعدم فوز بناتهن بهذا الشاب الجميل الخلوق ..وزفت رجاء إلى صبيح بعد حفل زفاف أسطورى جمع العربجية والتجار فى مكان واحد وأضيئت المنطقة وأصبحت كالنهار وعلقت الأعلام والزينات بطول الحى وعرضه وقام الحاج محمود الشماس بذبح أربعة عجول غير الخراف والماعز التى قدمت نقوط للعروس وأبيها الثرى ليأكل منها الفقير والغنى ..وحمل صبيح عروسه بين ذراعيه فى أخر الليل ووضعها بحنطور أعد خصيصا لهذه الزفة وسار خلفه عشرات من العربات الكارو والسيارات خلاف المترجلين من الرجال والنساء والأطفال وطافت الزفة بكل حارة وزقاق لتفتح النوافذ وتنطلق منها الزغاريط والتبريكات وبات الحى ليلتها فى سعادة وحبور




وتمر الأيام والشهور والكل ينتظر ظهور ثمرة هذا الزواج ولكن طالت الأيام والكل يسأل ويتقصى.. وبدأت الألسنة تلوك فى سيرة العروس بأنها عاقر




حتى وصلت شظايا الكلام لرجاء التى حزنت على نفسها حزنا شديدا بأنها لا تستطيع أن تحقق لزوجها الوسيم محط أنظار بنات ونساء الحى مايتمناه..وفى المناطق العشوائيه والشعبيه الحديث السائد فى جلسات المساء وعلى شاطئ النيل أثناء غسل المواعين فى مياه النهر سوى هذه المواضيع الزوجيه من زواج وطلاق وخلفه وحب وغرام وتبادل الأخبار ولقاءات العشاق من الشباب كشيئ طبيعى ومعتاد..
وقد أشار البعض على صبيح بأن يحضر إلى العيادة ومعه زوجته للكشف عليهما بعد أن شكروا فى مهارتى فى العلاج ومدحوا فى أخلاقى ..وأقتنعت رجاء بطلب صبيح وحضرا سويا لعيادتى فى المساء
وبعد الكشف وعمل الأشعات والتحليلات تبين أن رجاء على درجة عالية من الخصوبة وقادرة على الأنجاب فأختليت بصبيح فى غرفة الكشف ودار بيننا هذا الحديث
صبيح : يعنى أيه أن لازم أكشف أنا كمان وأحلل يادكتور عاطف.. دى تبقى عيبه كبيرة قوى فى حقى
> يا معلم صبيح مراتك زى الفل ولو عايز تخلف لازم تعمل أللى بقولك عليه مفيش حد يعرف أللى مابينا وأنا حكتب لمراتك شوية أدويه ومقويات وكأنها بتاخد علاج فى نفس الوقت نكون أحنا بدأنا العلاج سويا من غير ما حد يعرف
سرك ..وبعدين ياسيدى ربما تكون حاجة بسيطه تتعالج قوام قوام وربنا يرزقك بصبيح الصغير حد عارف ربنا كتبلك أيه
> ونعم بالله بس أدينى فرصة أفكر وأرد عليك
> براحتك يامعلم بيتى وعيادتى مفتوحين تحت أمرك وخد هات الدواء ده من الصيدليه لست رجاء
ويمر شهران وتحضر رجاء للعياده وتجلس أمامى وهى منكسة الرأس مكسورة النفس وتبدوا الدموع فى عينيها
> خير ياست رجاء ماشيه على الدواء أخبارك أيه
> يادكتور عاطف أنا ست متعلمه وخريجة معهد وعارفة أيه أللى مكتوب فى الروشته وكشفت وحللت بره عند أكبر دكاتره فى البلد بس فيه حاجة أنت مخبيها عليا وجايه النهارده عشان أعرفها
> أولا الدكاتره قالوا لك أنك مفكيش حاجة وتقدرى تخلفى
 أيوه كلام مظبوط ..يبقى أنت تعرف حاجة عن صبيح ومخبيها عنى
 أنا أقدر أقولك أنى لحد دلوقتى ما عرفش حاجة عن جوزك غير أنى طلبت منه بعض التحليلات والأشعات ووعدنى أنه حيفكر ويرد عليا وآدى وش الضيف من يومها ماشوفتوش وفى نفس الوقت ما نقدرش نقول أن جوزك غير قادر على الخلفه طالما ماشوفناش له تحليل وممكن تكون حاجة بسيطه يمكن علاجها
> أو تكون حاجة مالهاش علاج
> ما نقدرش نقول كده بصورة قاطعة فالعلم الحديث تغلب حاليا وبصورة كبيرة على عقم الرجال وأوجد له حلول تعطى نتائج ممتازه
> زى أطفال الأنابيب
> برضه مانقدرش نصل لهذا الحل قبل أن نقوم بعمل التحليلات والأشعة ممكن تكون حاجة بسيطه جدا ..فى هذه الحالة لابد من أقناع جوزك بهذا الأمر وهذا فيه صعوبه مع الأشخاص محدودى الثقافة والتعليم ويعتبرها البعض أنقاص من رجولته وفحولته ويفضل أن تقوم الزوجه أو أحد الأقارب المقربين بأقناعة بطريقة لاتجرح كبريائه وهى عمليه تحتاج إلى لباقة وأقناع وهدوء وعدم الكلام معه بشكل أوامر وألا أزداد عنادا
 شكرا يادكتور لو سمحت أنا مش عايزه صبيح يعرف أنى جيت هنا
> طبعا ماتقلقيش ..شرفتى وأنا تحت أمرك خدى رقم تليفونى الخاص كلمينى فى أى وقت لو أحتاجتى مساعده
الحلقة رقم (8)
الحـــــــــــل
يزور الحاج محمود الشماس أبنته منفردا ساعة عصارى ويجلسا سويا يتحدثان فى أنتظار عودة صبيح من الوكاله







رجاء : أنا مش قادره أقنعه يابابا كل ما أوصل معاه لحل وخلاص نتفق على أنه يحلل تانى يقوم ألاقيه غير كلامه ويقولى مش مهم الخلف أنا مش عايز عيال أحنا مستعجلين ليه..ربنا قادر أن يرزقنا من غير دكاتره ولا تحليل ..ريقى نشف معاه




الحاج محمود: طب سيبهولى أكلمه أنا بمعرفتى




> وحياتك يابابا بالراحة معاه أحسن أنا أللى بأقعد بالهم والنكد والزعل




> حاضر ياستى أحاول أقنعة بالدين وحاخده على راحته خالص علشان خاطرك ياستى حطبطب عليه لما نشوف أيه حكايته ولما أتكلم معاه سيبينا لوحدينا




يدخل صبيح على حماه وياخذه بالأحضان والقبلات ويجلسان سويا يشربان الشاى فتغادر رجاء مجلسهما وهى تدعى أنشغالها ببعض حوائج البيت ولكنها كانت تجلس بالقرب منهما وهى تستمع إلى حديثهما




ويبدأ الحديث هادئا وبود وحب من الحاج محمود ولكن كان صوت صبيح يعلو بأستمرار وهو يرفض التحليلات مما أستفز الوالد وبدأ صوته يعلو هو الأخر




ودخلت رجاء مسرعة وهى باكيه وتحتضن صبيح وهى تقول




> صبيح يابابا سيد الرجاله وأنا أللى عايزه أتعالج ..العيب فيه أنا مش فيه هو..وتهدأ من زوجها وهو منفعل وعندما يسمع لكلماتها يصمت تماما وينظر إلى الأرض ..فيقوم الحاج محمود وهو يدعو له بالهداية والخلف الصالح ويغادر المكان وهو حزين على أبنته




يترك صبيح زوجته ويخرج من البيت بعد أن صفع الباب بعنف وهو حزين وتقوده قدماه إلى بيت أمه فتلاحظ تغيره على غير العادة




نحمده أم صبيح : مالك ياحبيبى ساكت ليه مش عوايدك تكونش مراتك مزعلاك




صبيح : أبدا يامه ده أنا أللى مزعلها > وأيه السبب (يسكت صبيح ولايرد )




> أكيد عشان الخلف > هو كده بالظبط > طب ماتسبها وأجوزك ست ستها أللى تملء البيت عيال ونفضها سيره > لا يامه ألا رجاء ماذنبهاش حاجة الحكاية دى بأيد ربنا وبعدين أنا بحبها يامه وما أقدرش أسيبها ولا أقدر أتجوز غيرها




> ماتسيبهاش ماشى أنما ماتتجوزش غيرها ده يبقى فيه سبب..أنت بتشتكى من حاجة يا أبنى > أبدا يامه أنا كويس والحمد لله > تبقى تتجوز ياضنايا




> أنت ماعندكيش حاجة غير أتجوز أتجوز طب لو أتجوزت وطلعت العروسه مابتخلفش أعمل أيه > تطلقها وتتجوز غيرها > طب لو أللى طلقتها راحت أتجوزت وخلفت يبقى أنا شكلى أيه فى البلد >أسمع يابنى أنا أمك وعيزاك تكون أحسن واحد فى الدنيا مارضاش لك موقف زى ده والناس تعيب علينا خليك مع رجاء وروح للدكتور تكشف عنده وتطمن على نفسك لو لقيت نفسك كويس يبقى العيب فى مراتك والشرع والدين يسمح لك أنك تتجوز عليها
> معاكى يامه لو رجاء رفضت أن يكون لها ضره أكيد حتطلب الطلاق
> مش بتقول ياواد أنها بتحبك يبقى عمرها ما حتسيبك ياعين أمك
> يامه أنت ماتعرفيش رجاء دى أنسانه زى الملاك أزاى أستحمل أنى أأذيها وأجيب لها ضره لا لالا..مش عايز خلفه




> تبقى تسمع كلامى وتروح تكشف فى السر من غير ماتعرف مراتك ولو محتاج علاج برضه خده فى السر من غير مامراتك تعرف وتفضل كده رافع راسك فى بيتك ماتحسش بنقص قدامها




يسكت صبيح قليلا ويتكلم وهو مضطرب > عايز أقولك حاجة يامه رجاء كشفت وحللت وأتضح أن هى تقدر تخلف




> ياحبيب أمك ياغالى وشايل الهم ده كله لواحدك وكنا حنظلم البنيه ..أسمع ياصبيح روح يابنى حلل وأتعالج ربنا هو الشافى المداوى والبنيه تحطها فى عنيك الأتنين دى طلعت بنت أصل ومتربيه و أياك تفرط فيها قوم يابنى روح لمراتك صالحها وراضيها علشان ربنا يراضيك




> فوتك بعافيه يامه > الله يعافيك ياضنيا وربنا فرجه قريب > ونعمه بالله
يعود صبيح من عند أمه فيجد رجاء تجلس فى أنتظاره وعيناها متورمتان من كثرة البكاء فيقبل رأسها ويعتذر لها
> أنا من بكره يا رجاء حروح للدكتور عاطف أشوف أيه الحكايه
يزداد بكاء رجاء وهى تخفى وجهها فى صدره وهى تقول : مش مهم العيال والخلفه أنت ياصبيح عندى بالدنيا ومافيها أنت جوزى وأبنى وأبويا ونور عنيا
الحلقة رقم (9)
الخبر السعيد
تتصل رجاء بالدكتور عاطف لتطمأن على سير العلاج فهى لا تستطيع أن تفاتح زوجها فى هذا الأمر
رجاء على الهاتف : أيه الأخبار يادكتور
> شوفى ياستى جوزك عنده بلهارسيا مأثره على نشاط الأخصاب ننتهى من علاجها وبعد كده حياخد كورس علاجى مكثف لتنشيط الخلايا التناسليه
> هى حالته حتاخد وقت قصدى فيه أمل
> أحمدى ربنا أن شاء الله حيرجع زى الفل وكويس أنها جائت على كده ماتستعجليش على الحمل مش قبل ستة شهور ونفذى التعليمات أللى قولت لك عليها المره أللى فاتت
> متشكرين يادكتور ربنا مايحرمنا منك
> العفو وأن شاء الله نبارك لك قريب
ويأتى اليوم الذى أنتظرته رجاء طويلا ليكون أول حمل لها وهى تكاد تطير من الفرح بعد أن علمت بنتيجة التحليل وأنها حامل وتخرج من العياده وهى تجرى إلى وكالة أبيها لتخبر زوجها بهذا الخبر السعيد فيطلب منها أبيها أن تتكم الأمر حتى يكتمل الحمل خوفا من الحسد ولكن صبيح سار ينشر الخبر فى كل مكان وهو
سعيد وفخور وجائنى وعلى وجهه الوسيم علامات الفرح ويحتضنى ويحمد الله وهو يقول: أنا طلعت حمار بشكل لأنى ماسمعتش كلامك من الأول يادكتور
> كل شيئ بأوانه يا معلم صبيح وربك لما أراد وكان لازم أن نأخذ بالأسباب وهى الطب والدواء..ألف مبروك مقدما
الحكاية الأخيرة










هزيمة محافظ
عيش منطقتنا العشوائيه فى هدوأ وطمأنينه.. الفقير فيها راضى بحاله ويطلب الستر.. والغنى يعطف على أبناء بلدته حتى جاء أمر المحافظ الجديد كالقضاء المستعجل لأزالة منطقتنا بالكامل لعمل مشروع سياحى وأبراج سكنيه فاخرة على النيل وأنتشر الخبر وأصبح الناس لاشغل لهم غير هذه الحكاية بعد أن قام هذا المحافظ بأزالة معظم المنشئات المقامة على النيل وكانت لغة التفاهم هو البلدوزر ولا حل عنده غير الأزاله وظهر الخبر فى الصحف والتليفزيون ولم يتبقى أمامه غير منطقتنا ليقتلعها من جزورها فأجتمع الأهالى فى المساجد منهم من يدعى عليه ومنهم من يصرخ ويتوعد بأنه سيقتل من يقترب من بيته الذى بناه من عرقه وكده لسنوات طويلة مضت
جائنى فى العياده زعماء وأكابر البلد لأخذ المشوره والعمل على وقف هذا المخطط الظالم وكان بدر السلامونى يمثل العزبه وصبيح كبيرا للعربجيه والحاج محمود الشماس كبير التجار وأكابر عائلة معيط وعائلة البرنس وغيرهم ولأن العدد كان كبيرا فقمنا بوضع كراسى أمام المستشفى وألتف حولنا معظم أهل الحى ..وبدأ بدر السلامونى الكلام ووقف وهو يرفع شومته ويقول : عزبة السلامونى برجالتها ونسوانها وعيالها مستعدين للموت لو مخلوق من المحافظه أو الداخليه دخل من قبلى البلد أنا عندى 40 أنبوبه بوتاجاز حنولع فيهم ونخليها نار مشعلله ويفرجنى المحافظ وأللى معاه حيعمل أيه أنا عندى 1500 نفس حروح بيهم فين تهليل وتصفيق وهتافات
الحلقة رقم (10 )




الأجتماع الشعبى


ويستمر الأجتماع وتزداد حماسة الأهالى




> احنا معاك يامعلم بدر ..حنولعها نار ..حنقف كلنا فوق بيوتنا بالأنابيب




يقف المعلم صبيح : أنا عندى 60 عربيه كارو و3 عربيات نقل قلاب حنملاهم زلط وحجارة وحنسد بيهم مداخل البلد وحواريها ويفرجونا أزاى حيعدوا




تسمع هتافات تمجيد وتأييد للمعلم بدر وتستمر المناقاشات فمنهم من سيقوم بعمل




الزجاجات الحارقة ومنهم من سيقذف بالحجارة ومنهم من يخرج بالأطفال والنساء للجلوس أمام البلدوزرات ومنهم من قرر أن يقطع طريق حلوان .. وأشتعل الموقف وتحمس كل من حضر فى الأجتماع وعلت الأصوات ودبت فى البلد روح المقاومة وأنه لا حل بديل مع هذا المحافظ بالذات ألا القوة فله سوابق أزاله فى المحافظات السابقة التى خدم بها ..وجاء صوت العقل فى حديث الحاج محمود الشماس كبير التجار وهو يقول : ياجماعة لو سمحتم نخلى موضوع المقاومه والضرب والنار كحل أخير قدمنا ثلاث أبواب لسه مجربنهاش ولما نفشل مايبقاش قدمنا غير أللى بتقولوا عليه




أحد الأهالى : ياحاج محمود أسمائنا بأرقام بيوتنا نزلت فى الجرنان النهارده وتنبيه من المدعوء المحافظ الله يخرب بيته مطرح ماهو قاعد بأنه حيبدأ التنفيذ فى خلال 48 ساعة وحيبدأ من الجهة القبليه والجهة البحرية وكل مايزيل مجموعة بيوت حيرحل سكانها على المقطم ده فيه ناس لحد النهارده مرميه فى الشارع وما أوجدش لها سكن حنستنى لما نلاقى البلدوزرات فوق راسنا




> أهدأ يابنى ولما الكبار يتكلمو لازم تسمع ومش عايزين مقاطعة




نكمل.. أول هام حنبعت تلغرافت للسيد رئيس الجمهوريه مش تلغراف واحد وألا أتنين كل واحد فى البلد يبعت وحنبعت لرئيس الوزراء وحنبعت لمجلس الشعب




لو ماحدش رد البلد كلتها بالكامل والعزب ألا حولينا حنطلع نسد الطريق ونوقف حال البلد.. تانى هام فيه ناس مننا حتطلع على مجلس الشعب ومعانا العضوين أللى بيمثلوا دايرتنا.. ثالث هام حيطلع مجموعة ثالثه ومعاهم الدكتور عاطف لمقابلة المحافظ




وكل مجموعة من دول حيكون معاها مايقلش عن 200 راجل وست يتجمهروا قدام مجلس الشعب والمحافظه وبكره أن شاء الله حييجى التليفزيون يصور فى البلد ومعاهم محطات فضائيه وحياخدو أحاديث منكم وأحنا محضرين الناس أللى حتتكلم وتشرح حالنا أمام العالم كله والحاج فتح الله حيطلع على مجلس الشعب والدكتور حيطلع على المحافظ وأنا حقابل بتوع التليفزيون هنا قولتم أيه يا أهل البلد ( تسرى همهمات وأحاديث جانبيه منهم من هو مؤيد للحاج محمود والشباب والفتوات والعربجيه مازال مبدأ القوة هو المبدأ الصحيح للتفاهم مع هذا المحافظ




وينفض الأجتماع بعد مناقشات طويلة ومعه كشف بأسماء المشاركين




وفى الصباح تقف طوابير طويله أمام مكتب التلغراف لأرسال برقيات أستغاثة للمسؤلين وباقى المجموعات يتوجهن للمحافظة ومجلس الشعب










لقاء المحافظ




أنتظر فى غرفة سكرتير المحافظ لحين السماح لى بالدخول ويأتى على الدور بالدخول والسكرتير لايمل من التنبيه على ألا تستغرق المقابله أكثر من خمس دقائق ..أول مره أشاهد مكتب محافظ بهذا الأتساع وتلك المفروشات والأبهة وأقول فى نفسى طول مأ أنت قاعد هنا حتحس بالناس أزاى أفوء من تأملات على صوت المحافظ : أيوه يا دكتور يابتاع العشوائيات أتكلم عايز تقول أيه




- أنا جاى لسيادتك النهارده بالنيابه عن أهلى وناسى فى العزبه ومحملين لسيادتك رساله أنك تراجع أمر أزالة العزبه لأنها بتضم أكثر من 200 ألف نفس غير المدارس ومركزالصحة والبوسته أللى موجودين فى العزبه بقالهم أكثر من 70 سنه قبل ما يدخل طريق مصر حلوان ..فعزبتنا سيادتك مش نبت غريب نشأ أمبارح أو النهارده أنما سكانها زادوا عشر مرات زى أى زياده فى كل مصر وإذا كان على أراضى الدوله فالبلد ملتزمه بدفع الأيجار السنوى للحكومه والبيوت كلها بتدفع العوايد فوق كده أرتباطنا بأرضنا وحينا لا يجعلنا أن نستطيع أن نهجر إلى أى مكان آخر ..أرجو سعادتك أن تنظر بعين الرأفه لهذه الأسر الفقيرة التى لو هدمت بيوتها التى بنتها بالكفاح والعمل أن تتحول إلى تراب




- قرار الأزاله صدر يادكتور من أعلى مستوى وحنشيل العزبه حنشيلها




- يا سيادة الوزير المحافظ ماذا ستستفيد البلد من أزالة هذه العزبه




- هذه الأرض داخله ضمن مشاريع أستثماريه حتدخل للبلد ملايين الدولارات




- هل من أجل المشاريع الأستثماريه نهد البيوت فوق رؤس أصحابها ونشردهم




- ومين قال أنهم حيتشردوا كل واحد حياخد شقة فى أسكان المحافظه




- سيادتك لحد النهارده الناس أللى وقعت بيوتها عايشين فى مساكن الأيواء ومش لقيين لهم سكن.. فكيف ستدبر المحافظه 10 آلاف وحدة سكنيه لهذه الأسر




- أنا قدامى بيان بيقول أن أللى محتاجينه 2000 وحده فقط




- ده عدد البيوت سيادتك ..البيوت دى داخلها من خمسه لست أسر




- الأحصائيات عندى غير كده خالص والأعداد دى مظبوطه وموثقة




- سيادة المحافظ هل يمكنك أن تقوم بزيارة على الطبيعة لتحكم بنفسك




- قريب حقوم بزيارة بعد البدأ فى أعمال الأزاله..الزيارة أنتهت




- كلمه أخيره لو سمحت




- أتفضل قولها وخلصنى




- سيادة المحافظ لو حضر رجال الأزاله للبلد ستتحول إلى مجزره اللهم ما أنى بلغت اللهم أشهد ..سلام




- أستنى هنا يا جدع أنت ..أنت فاكر أنك بكلامك ده بتهدد الحكومه والنظام أنا ممكن حالا أحبسك وأحط فى أديك الحديد بتهمة أهانة المحافظ وتحريض الأهالى على التمرد والعصيان




- سيادتك أنا لم أتجاوز أدبى ولولا تدخل عقلاء البلد لما تواجدت اليوم بمكتبكم وكل الأحترام لسيادتك ولكل الحكومه ولكنى أحمل رساله وما على الرسول ألا البلاغ




- طب يادكتور روح بلغ أهل العزبه بأنهم سيتم أزالتهم سيتم أزالتهم أعتبارا من اليوم أتفضل روح بلغهم شوف حيعملوا أيه
خرج من مكتب المحافظ وأنا كل حنق وغضب على هؤلاء الدكتاتوريين الصغار الذين يتحكمون فى مصائر الغلابه والفق




المعركة الكبرى
الحلقة رقم (11)







المعركة الأخيرة




فى المساء يجتمع أكابر البلد فى العيادة ليتشاوروا فيما وصلت له الأمور مع مجلس الشعب والمحافظ والتليفزيون ورد فعل التلغرافات .. وكانت جلسة متوتره فلا توجد أى أستجابه من المسؤلين وكأن خيوط اللعبة موجوده فى يد خفيه لها مصلحة ومطمع فى أراضى العشوائيات ولا تستطيع باقى الجهات التى يقال عنها تشريعيه أو قضائيه أو دعائية أن تقف ضد قرارها الظالم بالأزاله.. وسادت حالة من الوجوم على المجتمعين وهم يتوقعون وصول بلدوزرات المحافظه وقوات الأمن فى أى لحظه ولم يعد صوت العقل يجدى وبدأت الأحاديث عن أسلوب المقاومه يطفو على السطح ويتصاعد وتحول الأجتماع لغرفة عمليات لتنظيم المعركة الأخيرة مع الحكومه لنكون أو لانكون




وأنفض الأجتماع وبدأ كل بيت وحارة تستعد لخوض المعركة المرتقبه وبكى النساء وبدأ الشيوخ فى الدعاء ..ولم ننتظر طويلا ففى الصباح الباكر أحيطت مداخل البلده بقوات الأمن المركزى بأعداد كبيرة وعلت صوت البلدوزرات قبلى وبحرى البلد وخرج أهل البلد من مساكنهم فمنهم من تحصن وراء الرمال والحجارة التى وضعها المعلم صبيح فى المداخل ومنهم من صعد فوق الأسطح وهو يحمل أنابيب البوتجاز وآخرين تحت قيادة بدر السلامونى حملوا النبابيت والسيوف والحجارة وسمعنا أصوات المقاومين فى ميكروفنات الجوامع وهى تدعوا للجهاد ويرد عليها صوت ميكرفون قائد الأمن المركزى بعدم المقاومه حقنا للدماء المكان كله محاصر.. وبدأت أول علامات الهجوم من قبلى البلد وتقدمت البلدوزرات تحيط بها قوات الأمن المركزى لتبدأ فى هدم أول عشش عزبة السلامونى وعلا الصراخ وصويت النساء وبدأت أصوات الطلقات النارية تتصاعد من الجانبين وظهرت النيران والدخان الأسود يصعد لعنان السماء أثر تفجير 3 أنابيب لتهز المكان كأنها قنابل أسقطتها الطائرات فيتراجع جنود الأمن المركزى خوفا ورعبا ويهرب سائق البلدوزر ويتركه وقد أشتعلت به النار ولم يستطع أحد الأقتراب منه




وتمر ساعتان ومازال صوت قائد الأمن المركزى بمكبر الصوت ينادى على أهل البلده بأيقاف المقاومه والخروج من البيوت.. وقطعت الكهرباء والمياه عن البلد




فلجأ الناس لماء النهر الخالد الذى لوثوه ليشربوا منه




وأمتلء المستشفى بالمصابين والجرحى وأنقذنا مايمكن أنقاذه ولولا وجود المستشفى لزاد عدد الموتى من أهل البلد الغلابه




وبدأت القنابل المسيلة للدموع تقذف على البيوت لتعلن عن بداية الهجوم الثانى من بحرى البلد فتصدت مجموعات المعلم صبيح العربجى وعائلة البرنس ومعيط للمهاجمين بالحجارة والزجاجات الحارقة فتراجعوا ومن ورائهم الرجال والنساء بالطوب والحجارة حتى وصلوا للطريق العمومى وقاموا بغلقه مما شجع باقى ابناء البلد المتحصنين فى البيوت بالخروج إلى عرض الطريق وغلقه تماما ونقلت ساحة المعركة من داخل البلد إلى أكبر شريان رئيسى ومدخل هام من مداخل القاهرة إلى المناطق الصناعيه وشلت حركة المرور على هذا المحور وأشعل الثائرين النيران فى أطارات السيارات وغطت المنطقة سحابة سوداء كثيفة وبدأت هتافات الأهالى والمارة ضد الحكومه والمحافظ وأصبح الموقف متفجر فى جميع العِزَب والعشوائيات المحيطه التى تحرك سكانها ليشاركوا معنا فى المقاومه وأنسحبت قوات الشرطة بعد أن أحترق العديد من سيارتها نتيجة قذف الكورات المشتعله عليها وسقط العشرات من القتلى والجرحى فى كلا الطرفين والمقاومه تزداد أشتعالا حتى أختفت الشرطة تماما من الساحة بعد أن قام الأهالى بمطاردة فلولها المنسحبة فى أتجاه القاهرة وأستمر الموقف على أشده حتى الساعات الأولى من اليوم التالى




وفى ظهر اليوم التالى تمر سيارات النصف نقل وعليها مكبرات الصوت وهى تدعو الأهالى للهدوأ فقد تراجعت الحكومه عن قرارات الأزاله




ولم تهدأ الأمور ألا بعدها بيومين لعدم ثقة الناس فى وعود الحكومه الزائفة إلا بعد أن شاهدنا المسؤلين الذين لم نستطع مقابلتهم فى التليفزيون وهم ينددون بقرار المحافظ ويوعدون أهالى العشوائيات بأجراء التطوير فى مناطقهم .. وبعد شهر من هذه الواقعة الشهيرة نقل المحافظ إلى عمل غير قيادى وبعدها توارى فى الظل وهو غير مأسوف عليه لتهدأ النفوس وتحتفل بلدنا بسقوط المحافظ الطاغيه ويوزع الشربات على الجميع والزغاريط رنت فى كل بيت وزقاق ورقص الشباب بالنبابيت رقصة النصر.. وبعد عدة شهور بدأت عمليات التطوير فقد تم تغيير شبكة المياه وأنشئت لأول مره شبكة للصرف الصحى ودخل الأسفلت فى الشوارع والأزقة وأصبحت منطقتنا أول منطقة عشوائية ينالها التطوير والأهتمام




من جانب المسؤلين وهو ما كنا ننادى به...




نعم للتطوير ولا وألف لا للأزاله









تمت






ليست هناك تعليقات:

قهوة الحراميه

  ألتف الحرامية حول المعلم فيشه شيخ المنصر وهم فى حالة تزمر وأنزعاج بعد أن أعلن عن نيته فى التوبه والأعداد لرحلة الحج فقال له مقص الحرامى : ...