الحياة تبدأ بعد الستين
الحاج عبده وزوجته زجزج اللذان تخطا السبعون يذهبان كل عام إلى شقة المصيف ومعهما أولادهما وأحفادههما وفى الصباح بعد أن يفطروا جميعا ويبدأوا فى الأعداد للذهاب للشاطئ يتلكع كلا الجدين ويعلنان عن عدم رغبتهما فى الذهاب معهم
- أتفضلوا أنتم بالسلامه ياولاد روحوا البحر وخدوا كل العيال معاكم وسيبونا على راحتنا
- أنت مش حتجيب ماما وتحصلنا يابابا
- لا مالناش فى البحر الساعة دى أحنا حنقعد مع بعض نتكلم شويه على ماتيجوا وعلى أقل من مهلكم على بال ما أمكم تجهز الغداء
تميل على أختها وهما تبتعدان وتهمس لها : هو أبوكى ده مش حيبطل كلام ياسحر ياختى .. كبروا قوى على الكلام
سحر : أهو بقى الكلام بتاع أبوكى ده هو أللى جايبنا ورا ياسمر.. بقالهم 45 سنه مابطلوش كلام لحد مابقانا خمسه فى وش العدو غير الكلام أللى طنشته أمك وسقطت بتاع ثلاثة ولا أربعة عيال فى النص
- ياختى يعيشوا ويتكلموا .. بيقولوا أن الفترة أللى عايشينها دى أحلى فتره فى عمر البنى آدم مابتسمعيش فى التليفزيون بيقولوا أن الحياة تبدأ بعد الستين
سحر: شايفه الدلع بتاع زجزج يا بت ..لابسه له القميص الكرنبى الستان أللى أشتريته من على البحر أمبارح يظهر ناويه تفتح فى الكلام على الأخر
سمر : تتك أيه ياسحر .. بس كميله والنبى وهى عماله تدلع فى أبوكى الحاج عبده وكل شويه تنادى عليه .. عوبد .. عبودى .. عبدد .. وهو فاتح بؤه بالطقم الجديد وسعيد بيها قوى وبيرد عليها ايوه يازجزج أيو يانوحى .. والراء واقعه منه شكلهم يهلك من الضحك عصافير ياخواتى
- ربنا يسعدهم يارب ومايقطعوش كلام مع بعض
- قومى لمى عيالك ..ياله بينا على البحر أحسن خدوا بالهم أن أحنا بنتودود عليهم أمييه يا أختى !!
سحر وهى تغلق باب الشقة خلفها : سلام ياعوبد .. سلام يازجزج أكلموا براحتكم
عايزين لما نرجع تكونوا خلصتوا كلام
زجزج : أمشى يابت يا ام لسان طويل بس لما ترجعى أن ماوريتك .. قال كلام قال
سيبنالكم الكلام أنت وأختك ياختى
- الكلام ده على سحر يازجزج القميص الجديد ده حيكسر الدنيا ويخلى عوبد يقول
أحلى كلام أللى ماقلوش من 40سنه
- أمشى يابت خمسه وخميسه .. أقريتى فيها أنت وأختك .. بس لما تيجى
تضحك سحر وتغلق باب الشقة خلفها وتستدير زجزج وهى تلوم عوبد
زجزج : شوفت البت مقصوفة الرقبه والكلام أللى بتقوله .. كله منك ياعبده يعنى مش قادر تصبر من غير حاجة كانوا نازلين أيه لزمته كلمتك وعلى أقل من مهلكم على بال ما أمكم تجهز الغداء.. (وهى تقلده ) خليت العيال خدوا بالهم وخلتنى فى وسط هدومى .. أيه ياراجل ماعندكش صبر أنت تيجى المصيف ونفسك تتفتح على الكلام
- يضحك عوبد حتى يظهر طاقم الأسنان الجديد : ياريت يا زجزج نفضل قاعدين هنا على طول.. أنا مش عارف بعد ما عيالك بتسافر يركبك عفريت وعايزه تسافرى وراهم .. طب نتكلم أمتى ياناس
زجزج وهى تضحك : ماخلاص يا أبو سحر أنت فيك صحة للكلام والمناهده ولا هى حلاوة روح ياحاج
عوبد تأخذه الجلاله والعظمة : أحنا ولله الحمد نقدر نتكلم للسنه الجايه الدهن فى العتاقى يازجزج
- ياخويا عليك وعلى مقاوحتك .. قوم خد دواء الضغط والسكر أحسن تطب ساكت
وتقطع الكلام خالص
- فكرتينى .. وأنت ماتنسيش الدواء بتاعك وأعملى لى فنجان قهوة مظبوط
- هههه يادى القهوة أللى حتخلص عليك وتخليك مفنجل ومابتطبلش كلام
- وبعدين معاكى يازجزج أحنا حنقضيها مناقشات فاضيه لحد ما تلاقى العيال رجعت وبقوا فوق راسنا
- خد الدواء بالشفاء وأنا رايحة أعملك القهوة ( تقوم من أمامه وهى تتوعك من آلام الروماتيزم وعرق النسا وتهتزبقميصها الكرنبى الستان الجديد فتلفت نظر عوبد الذى يضع النظارة فوق عينيه وهو يقول : القميص ده جامد قوى يازجزج
- أنا مارضيتش أجيب اللون الأحمر كانوا عيالك فضحونا خاصة البت الملعونه سحر ولسانها أللى متبرى منها .. البت حاطه نقرها من نقرى يا عوبد تقولش ضرتها ( عوبد لا يرد تكمل توعكها حتى المطبخ وتقوم بعمل فنجانين قهوة وتحملهما حيث عوبد الممدد على الكنبه فى أنتظارها وصوت شخيره يعلو كأنه القطار فتضع القهوة على الترابيزه وتغلق المروحة ثم تحضر ملاءة وتغطيه
وتجلس فى البلكونه وهى تبتسم وتنظر على الحاج عبده وهو يشخر وهى تقول فى نفسها : نبرتى فيها يا بنت الحاج عبده .. ربنا يخليك لنا ياعوبد بكلام أو من غير كلام ... نوم العوافى ياحبيبى
تمت
الحلقة رقم (3)
قهوة الصباح
قام فى الصباح الباكر كعادته يسقى أصص الزرع فى شرفته ويتنفس نسيم الصباح ويملء رئتيه ثم خلع جاكيت البيجامه ووقف يتريض ثم دلف إلى الحمام ليستمتع بدش بارد ويدخل إلى المطبخ ويصنع فنجان القهوة ويعود به إلى شرفته ليتصفح الصحف التى كان حريصا أن يقرأ فيها صفحة الوفيات التى تعود على قرائتها بعد أن خرج على المعاش من ثلاث سنوات .. كان وحيدا وترمل منذ سنتين ولكنه تخطى مرحلة الحزن وأستطاع أن يتصالح مرة أخرى مع الحياة
وينتظر نزول مدام ميمى التى تسكن فى البناية أمامه ..أرملة هى الأخرى منذ فترة طويلة وتعيش مع أبنها الوحيد وزوجته وبنته .. بدات تهتم به بعد وفاة زوجته فتلقى عليه تحية الصباح وترسل له الأبتسمات كلما خرجت إلى شرفتها وهو منتشى وسعيد بهذا الأهتمام وهو يغنى ساكن قصادى وبحبه فقد أستولت على أهتمامه فى رواحها ومجيئها وهى على قدر جيد من الجمال والأهتمام بنفسها .. فقال فى نفسه بأنه غير المعقول فى عمريهما أن يربط كيوبيد قلبيهما فى هذا السن المتأخرة ..وتطول النظرات والضحكات وتحية الصباح والمساء ولكنه قرر أن يتعرف عليها فهى تقف كل يوم تحت شرفته لتوصل حفيدتها لباب البص .. وتشجع ولبس ملابسه ونزل إلى الشارع والقى عليها تحية الصباح
- صباح الخير يامدام
تبتسم أبتسامه عريضه مع بعض من الخجل : صباح النور
وحاول أن يفتح معها أى حديث : الجو النهارده جميل قوى ياساتر على الحر أنت بتعملى أيه فى الحر ده
- ربنا يرحمنا برحمته أهو لولا لتكييف والمروحة لكان الواحد فطس
- أقدر أعزمك على فنجان قهوة ونقعد ندردش مع بعض أنت وراكى حاجة
- ماوريش حاجة بس ماينفعش أخرج باللبس ده فى مكان عام
- ومين قلك أننا حنروح مكان عام أنا عازمك عندى
- وده يصح يا أستاذ منير
- أنتى عارفه أسمى أهه.. أنت أسمك أيه بقى
- أسمى أمال وينادونى بميمى
- الله أسمك جميل .. أيه رأيك بقى فى العرض بتاعى
- الناس تقول علينا أيه والجيران وسكان الشارع
- ياست ميمى أحنا فى سننا الأمور كلها واضحة ومش محتاجه أى تخبية أو مداريه أو خوف من الناس فأحنا مش مراهقين ولا عيال صغيرة .. أنا راجل كبير وانت سيدة محترمة وأحنا فوق مستوى الشبهات
- خليها بكره بعد ما أوصل البنت الباص عندك بُنّ كويس ولا اجيب البن بتاعى معايا .. قهوتك وفطارك عندى أن شاء الكريم .. أتفضلى الورده دى أنا جايبها مخصوص علشانك
- مرسيه يا أستاذ منير كلك ذوق والله .. باى
فى اليوم التالى تتشيك مدام ميمى وتضع بعض من المكياج الخفيف على وجهها الذى يحمل بعض من الجمال البائد ..أما منير بات من صباحية ربنا فى أنتظارها وبعد أن توصل حفيدتها يشاور لها لتصعد ويقف فى انتظارها على باب شقته .. يطبع قبله على يدها ويدخل بها إلى الصالون وهو يرحب بها ويضحك معها ليزيل عنها الكسوف والخجل
- أقعدى على راحتك ياميمى أنت حتقضى اليوم ده كله معايا وحنبدأ بالفطار
يجلسان سويا ويتناولا الفطور وكل منهمما يحكى عن ظروفه وأحواله والوحده التى يعيش فيها .. وهى تسمع له بأهتمام وفى النهاية يقومان سويا لعمل القهوة هو يرشدها على أماكن الأدوات وهى تحكى وتضحك وبعد أن يشربا القهوة يجلس منير وهو سرحان وعلى وجهه أبتسامة رضا
ميمى: سرحان فى أيه
منير : أنا بقالى ثلاثة سنوات لم أضحك ولم اشعر بمثل هذه السعاده أنا مش عارف أشكرك أزاى ومش عايزك تمشى من هنا .. أيه رأيك نتجوز وتعيشى معايا هنا فى شقتى وناخد بحس بعض فى الأيام أللى بقيلنا فى الدنيا طالت أو قصرت
- ياريت يامنير بس ما أقدرش
- ماتقدريش ليه بعد الشر
- أبنى لو عرف أن أتجوزت حيخرب الدنيا.. أنت ماتعرفوش من ساعة ما أبوه أتوفى وكان عنده سبع سنين وأنا قررت أن أربيه ومايدخلش رجل غريب علينا لحد ما كبر وجوزته وقولت خلاص أنا أديت رسالتى وأشوف نفسى عرضوا عليا جماعتنا ومعارفنا رجاله محترمه ومراكز زى حضرتك .. وعاديك لما عرف بهدلنى وشتمنى وقعد شهرين مايكلمنيش لحد ما صالحته بدموع عنيا بعد ماخد عليا وعد أن ماتجوزش وحلفنى على مصحف
- توء توء .. ماتأخذنيش ياست ميمى الواد ده مدلع وأنانى عايزك تقعدى له بالعيال وتشوفى طلباته هو ومراته والله ده حرام والرسول قال لاطاعة لمخلوق فى معصية الخالق وأنت من حقك تتجوزى
- طب أعمل أيه يا أستاذ منير..أخسر ابنى على آخر أيامى
- عندى لك الحل .. نتجوز فى السر ولا ابنك يعرف ولا مخلوق يعرف أتنين شهود عند المأذون ونكتب كتابنا
الحلقة رقم (4 )
بابا منير
وتبدأ ميمى فى سرد المشكله بكل صراحة : أنا عندى مشكله أكبر .. أنا بقبض معاش معقول لأنى خرجت معاش مبكر وقبضت مكافئة كويسه دفعتها لأبنى مقدم عربية وبأدفع أقساطها من معاشى و معاش المرحوم جوزى والباقى من المعاشين فاتحة البيت لأنه مرتبه صغير ولو أتجوزتك حينقطع معاش المرحوم جوزى والبيت يتخرب وتتاخد منه العربية
يسكت منير وهو يفكر : طب انا عندى الحل .. نتجوز عرفى ولا المعاش ينقطع ولا حاجه أيه رأيك حنعمل أيه غير كده ..نعمل زى عيال اليومين دول
- أنا موافقة .. بس ده مش جواز يامنير ..أنا فى بيت وأنت فى بيت ونتقابل ساعتين تلاته فى شقتك ومع الوقت الناس حتاخد بالها ويمكن الكلام يوصل لأبنى
- مش مهم ساعتين تلاته فى الأول لحد مانشوف حل .. جهزى نفسك بكره وهاتى البطاقة وحنجيب الشهود من طرفى ونجوز بكره خدى نمر تليفونات البيت والموبايل
- أنا مش حقدر أديك غير الموبايل بلاش نمرة البيت .. وليه طلب تانى لو سمحت يا أستاذ منير أدينى أسبوع أجهز نفسى ويكون الولد سافر هو ومراته المصيف
- لو على اسبوع مفيش مانع أكثر من كده يبقى كثير عليا ياميمى
- الصبر جميل رغم أنى خايفه قوى ..ماتعرفش الولد مجرم ومفترى قد أيه ويمكن يعمل أى حاجة
- ماتخافيش ياميمى كل نار تصبح رماد ومع الوقت حيبقى أمر واقع
- أستأذن أنا بقى أحسن أتأخرت شوف السكه أحسن حد من الجيران يشوفنى
تمر الأيام سريعا ويتكلمان على التليفون بالساعات وهما يحلمان بيوم أن يجمعهما رباط الزواج وتدب فى أوصالهما روح الشباب من جديد
ويتبقى يومان على موعدهما ومنير يبذل أقصى مافى جهده لأعداد عش الزوجيه
ويظل يتصل بها ولكنها لاترد ويقف بالساعات فى شرفته علها يلمحها أو يراها
وفى الصباح يشاهد حفيدتها بصحبة أمها وبغير جدتها فيجن جنونه ويشعر بأنها فى خطر فقرر أن يغامر وينزل بنفسه ليسأل زوجة أبنها عن حماتها
- صباح الخير يا بنتى هى الحاجة فين مش باينه
تنظر له زوجة الأبن بأستغراب : أنت حضرتك تعرفها
- أحنا يابنتى جيران من زمان ومن الواجب أن الجار يسأل على جاره
- فيك الخير ياعمى .. الحاجة مريضه جدا فى المستشفى نقلناها من يومين وحاليا فى غرفة الأنعاش أدعى لها تقوم بالسلامه
ينزعج منير وتسود الدنيا أمامه ويهزى ولا يعرف مايقول : أى مستشفى قولى بسرعة يابنتى لا حول ولا قوة ألا بالله
يأخذ منها العنوان ويتركها وهو يجرى ليبحث عن تاكسى يقله إلى المستشفى
ويجرى كالمجنون فى طرقات المستشفى حتى يصل لعنبر الرعاية المركزه يترجى فى الطبيب والممرضات حتى سمحوا له بدخول العنبر ليسقط بجانبها وهو يبكى ويحتضن يدها وهى فى عالمها لا تدرى بما يدور حولها يتم أخراجه بالعافيه خارج العنبر ليجد أمامه أبنها وهو ينظر إليه مستعجبا ولكن الموقف الذى عليه والدته منعه من الكلام وأكتفى بالنظر إليه وهو واجم .. يسلم منير عليه وهو يائس ويسأله عن حالتها
فيرد الأبن وهو دامع العينين : الدكاتره بتقول نزيف حاد فى المخ وحالتها خطيره
أدعى لها ياعمى تقوم بالسلامه
منير وهو يرفع يده بالدعاء ويعود ليسأل الأبن : فيه حد زعلها أو سمعت حاجة ضايقتها
- بالعكس ياعمى الأسبوع إللى فات كله كانت بتضحك ومبسوطه وكل أللى على لسانها أنا فرحانه قوى ياولاد.. أشترت هدوم جديده لأول مره من سنتين وكانت طايرة من السعاده على غير العاده وهى واقفه فى المطبخ بتعمل كيكه لبنتى أللى طلبتها منها صرخت مره واحده ووقعت فى الأرض .. وبعد أن ينتهى من كلامه يسأل منير : حضرتك عرفت أزاى
- يا ابنى أنا جاركم من 40 سنه وأمك كانت صاحبة المرحومه مراتى وكنت بشوفها كل يوم وهى بتوصل بنتك ولما ماظهرتش سألت عليها المدام وأديتنى العنوان فجيت على ملا وشى أشوفها
يخرج الطبيب من غرفة الأنعاش وعلى جهه حزن وجديه ويسلم على منير وأبنها وهو يقول : البقية فى حياتكم ما أقدرناش نعمل حاجة أمر الله نفذ
يصرخ منير ويبكى كالأطفال ويجلس فى الأرض من هول الصدمه ويغمى عليه وينقل إلى غرفة الانعاش فاقد الوعى وبعد ثلاثة أيام يفتح عينيه ليجد الأبن وهو يربت عليه بحنان وهو يشكر الله
- حمد لله على سلامتك يابابا منير للدرجة دى بتحب ماما لو كنت أعرف أنك بتحبها الحب ده كله كنت جوزتهالك ولكنه قضى ربنا تتقابلوا فى الجنه ونعيمها
وكانت دموع عم منير هى أبلغ رد
تمت
القصة الرابعة الحلقة رقم (5)
الغرفة رقم 7
تدخل مدام أخلاص غرف المسنين وهى تصطحب معها أحدى النزيلات الجدد وهى تعرفها بزملائها من السيدات والرجال الموجودين بالدار قبل أن ترشدها لمكان أقامتها بغرف الحريم
يقوم عم رفقى من على سريره ويمشى خلف المشرفة والنزيله الجديده فيسرع خلفه عم على رفيقه فى الغرفة – رفقى رفقى رايح فين تعال
رفقى يشوح له : هشش يا أخى سيبنى دلوقتى
- اسيبك أيه أنت عايزهم يطردوك من الدار أرجع يا متهور بلاش فضايح
يحاول أن يجذبه من يده ولكنه تخلص منه وأستمر فى سيره خلف المشرفة وعم على خلفه ليطمئن عليه حتى لا يسبب أى مشاكل .. تتنبه المشرفه لوجود عم رفقى وهو يقف خلفها فتلتفت له : أيه يابابا رفقى عايز حاجة
- لا أنا عايز أتعرف بالنزيله الجديده
- ماهو أنا عرفتك بيها ياعم رفقى أنت نسيت ولا ايه
- أصلها بتفكرنى بالمرحومه مراتى الله يرحمها .. هى أسمها ايه
- ما قولنا ياعمى رفقى اسمها جميله
- جميله وهى جميله ..أسمها زى أسم مراتى الله يرحمها
- ياعم رفقى أنت قايل لنا أن مراتك أسمها خديجه
- أهى بقت جميله أوعى كده لما أسلم على ست جميله .. أزيك ياجميله أنتى فين من زمان أستنيتك كتير قوى .. أخيرا جيتى .. سيبانى مع العالم البهايم دى لوحدى تعالى أقعدى معايا فى أوضتى أنا عندى كلام كتير عايز أقوله .. مجدى وهناء عاملين أيه بقالهم سنه ماجوش يشوفونى وكل مره ابعت لك معاهم السلام
الست جميله تضحك وهى تسلم عليه :أزيك ياعم رفقى .. أنا حوصل مشوار مع المشرفه وحرجعلك على طول سيب ايدى بقى .
- خلاص خدونى معاكم .. – ماينفعش ياعم رفقى أحنا رايحين قسم الحريم وممنوع الرجاله يروحوا هناك
- رجالة أيه يابنتى ده كان زمان دلوقتى أحنا ربنا سخطنا وبقينا كلنا زى بعض لا محصلين رجاله ولا محصلين ستات
- وبعدين معاك ياعم رفقى حزعل منك وحبلغ الأداره سيب بقى أيد الست جميله
- أسيب أيه أيه أيه ياختى .. دى مراتى وليه حق عليها لازم تيجى معايا
جميله تهمس فى أذنه وتطبطب عليه فى حنان وتقبله فى خده : خلاص زى ما أتفقنا يارفقى ياحبيبى الناس واخده بالها
رفقى يترك يدها ويقفل راجعا وهو يضحك : الستات دى عليها حركات ياجدعان.. حستناكى ياجميله ماتتأخريش أنا فى أوضه نمره .. نمره .. نمره .. أنا فى أوضه نمره كام ياجميله
المشرفه : ردى عليه وقوليله نمره سبعة
- صح نمره سبعة نمره سبعة أو عى تنسى ياجميله نمره نمره نمره
- ييه نمره سبعه ياعم رفقى ..بتزعقوا ليه ما أنا عارف ياغجر أننى فى أوضه ..نمره7
المشرفه : برافوا عليك ياماما جميله أنت قولتى لرفقى أيه خلتيه سيب أيدك
جميله وهى مندهشه : رفقى مين
المشرفه : الراجل أللى كان متشعبط فى أيدك
جميله : راجل مين أللى أتشعبط أنا مفيش مخلوق يقدر يتشعبط فى ايدى آخر واحد أتشعبط فى أيدى عريسى محمود
المشرفه : وده كان أمتى ياماما
جميله : أنا فاكره اليوم ده بالظبط كان يوم خميس 26 يوليه سنة 1956 ليلة تأميم قناة السويس كان يوم فرحى
المشرفه : ماشى ياماما جميله
جميله : جميله مين
المشرفه تضحك وهى تسحبها من يده : ماتاخديش فى بالك ياماما
أصل الجبانه ناقصه قتلى
تمت
القصة الخامسة ( الحلقة رقم – 6 -
حرامى على الفطار
عم نبيه راجل مسن وعلى المعاش يعيش وحيدا فى شقته بالدور الأرضى بعد وفاة زوجته وزواج أبنائه.. وقرب أنطلاق المدفع يقوم للمطبخ لتجهيز الفطار البسيط الذى يتناوله ويحضر معه علب الأدويه التى يتناولها قبل الأكل وبعد الأكل فيسمع صوت خروشه ووقع أقدام خلفه فيلتفت خلفه فيجد شاب فى العشرينات وهو يحمل سكين ويقترب منه
عم نبيه: والله يابنى فيك الخير جيت فى ميعادك عايز تخلص عليا مفيش مانع بس ليا طلب صغير لو سمحت
الحرامى : قول ياحاج ..> قبل ماتخلص عليا تقعد معايا نفطر لقمه على ما قُسُم أكيد أنت صايم برضه وبعد ماتفطر خد أللى أنت عايزه بس يابنى مش حتلاقى حاجه تخدها وأيش ياخد الريح من البلاط
ينظر له الحرامى بأستغراب ويكمل عم نبيه الكلام :أنت متردد ليه خايف من راجل عجوز زى رجله والقبر ..أستهدى بالله وأقعد ياراجل نفطر سوا
عارف يابنى أنا من أول رمضان ماحدش فطر معايا الولاد مشغولين أللى مسافر وأللى معزوم عند حماته وأللى مش فاضى أقعد يابنى على ما أجهز الفطار
وعندك الأوضتين قدامك قلب فيهم زى ما أنت عايز وأللى يعجبك خده أحنا يابنى حناخد أكثر من أللى خدناه
يضع الحرامى السكين جانبا وهو يستمع لعم نبيه : أقعد على السفرة ولا أقولك أدخل الحمام أغسل أيديك الأول على ماأغرف الأكل عارف أنا عامل شوية مصقعة يستهلوا بقك أنت يابنى حماتك بتحبك
الحرامى : حماتى أيه ياعم الحاج هو أنا عارف أعيش بزورى لما أتجوز
> قول يابنى يارب وهى تفرج من عنده ..أسم الكريم أيه ؟
> خالد ياعم نبيه > وكمان عارف أسمى ..> الحقيقة أن سألت عنك وراقبتك من أسبوع لقيت أنك صيد سهل ومعروف أن الناس العواجيز بتبقى شايله فلوس
> مش كلهم يابنى أنا ماحلتيش ألا المعاش وأنت جاى آخر الشهر ..كل يابنى ما تكسفش المصقعة حلوة قوى
يرن جرس الباب فيقوم عم نبيه يفتح فيجد أمامه عبده البواب
> عايزين 10 جنيه ياعم نبيه تكاليف أصلاح الميه
> مافيش يابنى دلوقتى ولا أقولك أستنى لما أشوف لك مع صاحبى الأستاذ خالد
خالد: خد عشره جنيه أهه ياعم نبيه أدهاله
> متشكرين يابنى أعتبرها سلف لحد ما أقبض المعاش أول الشهر أعملك بقى الشاى
يقوم عم نبيه ويعلق على الشاى فيدق جرس الباب ويفتح خالد فيجد محصل النور ويقدم له فاتورة الأستهلاك بـ 20 جنيه
عم نبيه من الداخل : مين ياخالد > ده محصل النور وعايز 20 جنيه
> أدفع له ياخالد والحساب يجمع > دفعت ياعم نبيه
يجلسان يشربان الشاى فيدق الجرس مرة أخرى فيجد أبن صاحب البيت يطلب الأيجار 50 جنيه > طب يابنى دقيقة واحده أشوف لك مع خالد
> خالد معاك 50 جنيه ..خالد ..خالد.. الجدع نط من الشباك وماكملش الشاى .. الشباب كده دايما متسرعين
هههههههههههه
القصة السادسة
الحلقة رقم (7)
الخريف والربيع يلتقيان
ماتت عنه زوجته منذ سبع سنوات وهو صامد يرفض أن يتزوج أحتراما وحبا لذكرى زوجته الراحلة وأنشغل عنه أبنائه البنات والذكور فالكل يدور فى عالمه لا يتفرغ للوالد العجوز .. وفى أحدى وعكاته المتكرره أختلف الأبناء فيما بينهم أيهم يقوم براعيته والجميع يسوق الحجج والبراهين على عدم قدرته بالمبيت بعيدا عن بيته وأولاده وأخيرا أقترح عليهم الأغراب من زوجات الأبناء وأزواج البنات
أن يقوموا بتزويجه بسيدة ترعاه وتمرضه بدلا من الشجار بينهم وبدأ الجميع فى البحث بجدية عن أمرأة تصلح زوجة لأبيهم .. وتداولوا وأستعرضوا العديد من النساء وأخيرا أتفقوا على نعمات وهى أمرأة ريفية فى الثلاثينات من عمرها طلقها زوجها بعد عشر سنوات زواج لأنها لم تخلف وتملء له الدار بالبنين والبنات وتزوجت بعده مرتين ولم توفق وطلقت لهذا السبب وأسباب أخرى عديده
وكانت رحلة حياتها وعقمها وفقرها ويتمها وطيبتها هى العوامل القويه التى دفعت الأبناء بترشيحها زوجة لأبيهم المريض.. وأنتهزوا أحدى الفرص القليله لشفائة وعرضوا عليه الأمر
الأبن الأكبر هشام وهو يعرض على أبيه أمر الزواج : أيه رأيك يابابا أحنا شوفنالك عروسه جمال أيه وأدب أيه تسليك وتاخد بالها منك تطبخ وتغسل وتديك الدواء وتاخد بحسك بدل قاعدتك لواحدك قولت أيه ياحاج زكى
- ومين قالك أنى عايز أتجوز .. مفيش واحده تقدرتملء مكان المرحومه أمك (ويبدأ فى البكاء)
- يابابا أحنا كلنا عارفين أنك كنت ومازلت بتحب المرحومه لكن الظروف أللى أحنا فيها أنا وأخواتى ماتسمحش أن أحنا نغيب عن بيوتنا وعن أشغالنا .. ماتعتبروش جواز ياحاج زى ما أنت فاهم أعتبره تمريض ورعاية
- يعنى يا أبنى العروسه أللى بتقول عليها دى ماتيجى تقعد معايا من غير جواز وتاخد بالها منى ونديها شهريه زى أللى قبلها
- ياحاج أحنا عايزينها تبات معاك وكل أللى بيشتغلوا مابيرضوش يباتوا .. وبعدين هى عاقر وما بتخلفش وغلبانه ويتيمه ومالهاش حد .. اعتبرها زى بنتك وأعطف عليها ياحجوجه .. وافق عشان خاطرنا كلنا خلى كل واحد يشوف مصلحته وهو مطمئن عليك وبرضه مش حنقطع الزيارة وحنزورك بأستمرار ونشوف طلباتك
يقتنع الحاج زكى فى النهاية ويكف عن البكاء.. وتحضر نعمات من البلد ليعقد قرانها فى وجود نفر قليل من الأولاد والشهود وبعد أنتهاء مراسم الزواج الصامت تصطحبها أبنة عم زكى (شهيره ) لتعرفها على البيت ومكان نومها فى غرفة منفصله قريبه من غرفة الوالد وأماكن ومواعيد الدواء
شهيره : أنت بتعرفى تقرى وتكتبى زى ماقولتيلى ده الدواء كل علبه مكتوب عليها الكمية وميعاد تناولها
نعمات : بس ده دواء كتير قوى ياست شهيره .. كل ده بياخدوا الحاج
- أيوه أهم حاجة تلتزمى بالتوقيتات وعندك دى نمر تليفونتنا فى البيوت والموبيلات لو أحتجتى لحاجة أتصلى بينا حنكون عندك .. حطى هدومك فى الدولاب ده وتعالى معايا أعرفك بالمطبخ .. جميع طلباتك أطلبيها من السوبر ماركت وماتدفعيش حاجة خدى منه الفاتوره ووقعى عليها أنت أو الحاج وحسابه بياخده كل شهر وآدى نمرة تليفونه .. عايزه حاجة تانى مضطره أسيبك عشان أجيب العيال من المدرسه سلام ماتنسيش تشحنى الموبايل وكلمينى لو أحتجتى حاجة..تتركها وتغلق خلفها الباب .. وتسمع الحاج زكى وهو ينادى عليها من غرفته فتهرع إليه
- أأمر ياحاج .. الأمر لله يابنتى ..تعالى أقعدى هنا على الكرسى أللى جانبى عشان مش قادر أعلى صوتى ..حاضر ياحاج .. شوفى يابنتى أنت صعبانه عليا أيه أللى جابرك على الجواز من راجل كبير ومريض زى .. تكونى فاكره أنك حتورثى تبقى غلطانه أنا ما حلتيش غير معاشى ..العيال خلصت على كل أللى معايا
- ياحاج ماتآخذنيش عندنا مثل بنقوله فى البلد .. أيش رماك على المر قال أللى أمر منه .. أنا شوفت حظى فى الجواز وطلعت منه يامولاى كما خلقتنى أنا ولا عايزه ورث ولا مال .. أنا عايزه الستر ورضا ربنا .. ويمكن قاعدتى معاك دى ينوبنى منك دعوه حلوه تدخلنى بها الجنه ولا ايه ياحاج
- يكملك بعقلك يابنتى .. أنتى لسه ما أتغدتيش .. عندك فراخ وخضار ورز ومكرونه فى المطبخ قومى أعملى لنا لقمة نأكلها سوا
- بس انت ممنوع من الأكل العادى ياحاج أنت لك المسلوق
- أنا قرفت يانعمات من المسلوق والدواء أنا عايز آكل لقمه حلوة من أديكى بتعرفى تطبخى على كده
- وحياتك ياحاج أنا اسطى بريمو نمره واحد حتدوق طبيخى وتحكم
يتبع
الحلقة رقم (8)
عودة الروح
وبعد أن يتغدى عم زكى ونعمات تقوم لتعطيه الدواء ولكنه يرفض تناوله
- بقولك أيه يانعمات بلاش دواء النهارده بيخلي نفسى تغم الحاجات دى يابنتى كلها سموم بتصلح حاجة وتخرب جنبيها عشرين حاجة
- أمرك ياحاج لو تعبت نادى عليا أجيب لك الدواء
- اقعدى هنا أنت قايمه رايحه فين
- مش عايز تشرب كوباية شاى حلوة من أيديا .. نشرب يابنتى
- مابلاش قولة بنتى دى .. قولى يانعمات حاف .. ماشى يانعمات حاف
وبعد أن يشربا الشاى ترد الروح والحيوية فى عم زكى ويبدأ بالضحك مع نعمات التى أستراحت نفسه لها وبدأ يفضفض معها ولا يكف عن الحديث
- عارفه يانعمات حاف .. أنا مش عيان
- يالهوى ياحاج أومال كنت بتمثل على ولادك
- أمثل أيه يابنتى .. عارفه الولاد آخر مره جابوا لى دكتور بس كان عجوز زيى
رفض يكتب لى دواء وطاح فيهم وبهدلهم لما عرف أن عايش لوحدى وماحدش بييجى يزورنى ألا لما أقول لهم أنى عيان وطول ما أنا سليم ماحدش فيهم يسأل فيه ما عجبهمش الكلام وقالوا عليه عجوز بيخرف زى أبونا وجابوا دكتور صغير
كتب لى كبشة الأدويه إللى قدامك دى .. الراجل العجوز فهمنى والعيال مافهمتش
- طب مانمشى على وصفة دكتورك العجوز ياحاج هو قالك أيه
- قال لزمن أخرج وأمشى على رجليا نص ساعة على الأقل كل يوم وأعمل رياضه
خفيفه وآكل خضروات وفاكهة طازة وأقعد مع ناس أحبهم ويحبونى
- تاهت ولقيناها ياحاج .. نبطل الدواء ومن بكره الصبح فى الفجريه نخرج نتمشى أنا وأنت ونأكلك الفاكهة والخضار الطازة وأنا ياسيدى أعتبرنى ناسك وحبايبك أتكلم معايا زى ماتحب حتى كلامك زى السكر بدل ما أنا قاعده أكلم نفسى
- عفارم عليكى يابت يانعمات .. يظهر ربنا أستجاب لدعايا وبعتك ليه
وبعد عشرة أيام من أتباع النظام الجديد أستطاع عم زكى أن يتعافى ويسير على قدميه لمدة ساعة ودبت فيه روح الحيوية والنشاط وأبنائه لا يصدقون مايشاهدونه من تحسن صحته وعادوا لدوامة الحياة بعد أن أطمئنوا على ابيهم بصحبة عنايات ..وتجلس عنايات تحت قدمى عم زكى وهى تدعكهم كطلبه عندما عاد من جولة السير اليوميه وهى تقول : بقولك أيه ياحاج أنت ما بتحبش تروح الأرياف.. أيه يانعمات أهلك وحشوكى بدرى كده .. مش قصدى ياحاج هو أنا ليه حاجة فى البلد .. أنا قصدى أن هواء الريف بيرد الروح والمشى على الزراعية والقاعدة تحت التوته وجنب الساقيه وهناك تاكل الخير كله قبل مايتغش ويوصل البندر .. اللبن عندنا فى البلد ليه طعم تانى .. أللى بتشربوه ده ميه رحيتها زفره وكلها عيا
- تصدقى يابت يانعمات أنت مخك ده ألماز كان نفسى أقضى بقية عمرى فى الأرياف .. من بكره نقوم بينا على بلدكم .. عندكم حته نبيت فيها
تفرح نعمات وهى غير مصدقة ماتسمعة : صحيح يا عم الحاج دار أبويا موجوده وقفلاها وما شالتكش الدار أنا أشيلك فى رموش عنيا
- للدرجة دى يانعمات نفسك ترجعى بلدكم .. وأنا ياستى موافق قومى جهزى الشنط ونطلع من بدرى على بلدكم ( تقوم نعمات وهى سعيده وتجرى لمنتصف الصاله ثم تعود مره أخرى لتقبل عم زكى على خده وهو ينظر لها فى سعادة وحب
يقضى عم زكى ثلاثة ايام فى قرية عنايات وهو مستمتع بجو ومناظر الريف والجلوس على المصطبه مع أكابر البلد ويعود فى آخر الليل ليكمل حديثه مع نعمات التى كانت تعامله أجمل وأرق معامله
نعمات : شيفاك ياحاج مبسوط من بلدنا وأتعرفت على الناس بسرعة وضربت صحبيه معاهم ونسيتنى وسايبنى فى الدار لوحدى
- ده انت سبب سعدى يا نعمات أنا أقدر أنساكى .. بس عايز آخد رأيك فى موضوع ..أيه رأيك لما نرجع مصر أبيع الشقة أللى انا فيها على فكره تجيب مبلغ كبير وأجى أقعد معاكى هنا على طول نشترى حته أرض ونعمر الزريبه بكام عجل
نربيهم غير البط والفراخ والحمام
- أنت بتتكلم جد ياحاج .. لو بتتكلم جد بصحيح يبقى مفيش غير أنى أقوم أبوسك
..يا حبيبى ياعم الحاج هو ده زين العقل .. قوم بينا نتعشى علشان نصحى بدرى ونسافر مصر ..
يتبع
الحلقة رقم (9)
هدايا السماء للصابرين
يبيع عم زكى شقته بما فيها من عفش ومنقولات ويقبض مبلغ 300 ألف جنيه ويسافر مع نعمات البلد ولا يدرى أولاده بما يحدث فالكل مازال مشغول بمصالحه وأطمئنوا عليه بصحبة زوجته الطيبه الأمينه
يشترى فدان ونصف فى البلد وعدد من العجول وملء البيت بالطيور وأعاد بنائه مره أخرى ونعمات من خلفه تشجعه فى كل خطوه يقوم بها ودارت عجلة الحياة مرة أخرى بعد أن توقفت لسنين عديده وعاد عم زكى يرتدى الجلباب والطاقية
الفلاحى ويذهب كل يوم إلى الغيط يزرع ويقلع مثل الشباب وأمتلئت الدار بالخير
ويجلس كل مساء على المصطبه وحوله العشرات من أهل البلد يستأنسون بكلامه ونصائحة ونعمات تدخل عليهم بالشاى والقهوة والسعادة والفرحة تغمرها
وتحسنت صحتها هى الأخرى وجرت الدماء فى وجنتيها وهى محتفيه بزوجها الحاج زكى الذى تحول فى عدة شهور من رجل ينتظر الموت من أهل البندر إلى فلاح نشيط ومحبوب من أهل القريه وسبحان الذى يحى العظام وهى رميم
وفى المساء ترفض نعمات أن تأكل فينزعج عم زكى عليها : مالك يانعمات ما بتكليش ليه .. ماليش نفس ياحاج .. ونفسى جايبانى لحاجة حرشة وريحة الشمام ماسكه مناخيرى ..عايزه حاجة حرشه وشمام .. يبقى حصل تبقى حامل يانعمات- ياعم الحاج قول كلام غير ده... تلاقيه شوية برد ويروحوا لحالهم
- برد أيه ياعبيطه من بكره آخدك نروح للدكتور فى البندر يكشف عليكى
- ما تكبرش من الموضوع ياحاج أنا أتجوزت تلات مرات وماحصلش ييجى يحصل دلوقتى .. ربنا كبير يابنتى رايد يعوض صبرك خير وينعم عليكى بعطاياه أللى مالهاش حدود ..ياه أشوف لى عيل بعد السن ده يا مانت كريم يارب
تعود نعمات من البندر وتنطلق الزغاريد فى كل القريه أحتفال بحمل نعمات ويقبل أهل القريه مهنئين عم زكى فيذبح الذبائح ويقيم الولائم ويتصدق على الفقراء
وتمر شهور الحمل سريعا وأولاد عم زكى لا يدرون عن أبيهم شيئا حتى كان ذات مساء يسمع طرقات على باب الدار فيقوم ليفتح ليجد أبنه الكبير هشام وهو واقف أمامه فاتحا زراعيه ويحتضن اباه
هشام : كده يابا كل المده دى مالكش أهل.. مالكش عيال تسأل عليهم.. مانعرفش عنك حاجة خالص
عم زكى : شوف يا هشام يا أبنى مش وقت عتاب أنا مسامحك أنت وأخواتك علشان حاجة واحده بس عملتوها خير فى حياتكم أنكم جوزتونى نعمات.. هى دى الحسنه أللى ما أقدرش أنكرها
- تقوم يابابا تبيع الشقة من غير ما تقولنا وتيجى هنا البلد تصرفها عليها
- شقتى وأنا حر فيها وأللى صرفته عليها دى تبقى مراتى وحتبقى كمان شهر أم أبنى أو بنتى ..وكمان حملت أزاى ده وهى معروف عنها أنها مابتخلفش ..
- يعنى أيه أزاى .. زى الناس .. ربنا رايد كده
- المهم أنت مبسوط يابابا ..- أنت شايف أيه .. الست دى طلعتنى على وش الدنيا
روح قول لخواتك أللى مقدروش يعملوه مع أبوهم ..قدرت تعمله ست طيبه من الأرياف ربنا بعتهالى هديه من السماء
- بس أحنا يابابا معلمناش معاك حاجة وحشه كنا بنجبلك أحسن دكاتره وأغلى الأدويه..
- يابنى مش بالدكاتره ولا بالأدويه يبقى بر الوالدين .. بالصحبه الحسنه والود والمعامله الطيبه مش ربنا بيقول فى كتابه العزيز وصاحبهما فى الدنيا معروفا .. فينك أنت وأخواتك من هذا المعروف عندك أربعه من أخواتك ماشفتش وشهم من خمس سنين أللى مسافر واللى مشغول ولا بيستعبط ولا ماعندوش دم
ويعدى من قدام البيت ولا يفكر يبص على أبوه ولا اللى طمعانين فى الشقة ويتمنوا أن أموت عشان يورثونى .. أسكت ياهشام ماتزعلنيش وأنا فى قمة فرحى.. أنا بيتى مفتوح وأللى عايز يزورنى أهلا وسهلا وأللى مش عايز ربنا يسامحه
يقضى هشام الليل فى بيت والده وفى الصباح يغادر القريه ليبلغ أخواته بما حدث
فحزن منهم من حزن وفرح من فرح وغضب من غضب ..ولكن فى النهايه تركوه وأبتلعتهم دوامة الحياة لسنوات عديده وتصل لهم تلغرافات تخبرهم بوفاة والدهم فجاؤا جميعا إلى القريه ليشيعوا جثمانه إلى مثواه الأخير .. ويسألون عن أملاكه فيجدوا بأنه قد كتب كل مايملك لنعمات وطفلها الصغير .. ولم يجدوا مفر ويعودون لمفرمة المدينة ويترحمون عليه كلما ذكروه .. الله يرحمك ياعم زكى
تمت
القصة الأخيرة
الأرملة الطروب وشاعر الربابة
كابتن نفيسه الشهيرة بمدام نوفى سيده تعدت الستين تمتلك مركز للعلاج الطبيعى والتخسيس فى الحى الراقى الذى تعيش فيه مثال متجسد للحيوية والجمال رشيقة بالرغم من أستدارة جسمها تتحرك بحيوية ونشاط أرمله عندها ولد وحيد هاجر إلى كندا ويأتى لها كل بضعة سنوات أو تذهب لزيارته تفرغت لأدارة المركز الذى ورثته عن زوجها الذى توفى منذ فتره بعيده تقدم لها العديد من الرجال لطلب يدها ولكنها كانت ترفض لأنها وجدت السعاده فى عملها .. تشاهدها كل يوم فى الصباح الباكر وورائها طابور طويل من المسنين أغلبهم من الرجال وهم يسيرون خلفها للتريض والبحلقة لجسدها وجمالها المتوقد حول الحديقة الموجوده فى منتصف الحى وصوتها يجلجل بالعد( 1-2-3-4 فوق –تحت ) وهم يعدون ورائها والناس تستغرب من هذا العدد الكبير من الرجال المخلعين الصابرين على هذه الرياضة العنيفه التى لا تتناسب مع أعمارهم ولكنهم سعداء بالسير خلف كابتن نوفى وهى ترتدى الترننج الأحمر الذى يبرز أنوثتها والصحة المفرطه التى تتباهى بها أمام من سلبتهم الأيام عصارة الحياة وتركتهم كأعواد ممصوصه وعضلات وكروش مترهله وأعين متسعة مبحلقة وقلوب حالمة
ومن العجيب أن الجميع واقع لشوشته فى غرامها وهنا يكمن السر الخطير فى تزايد عدد المتريضين والمعجبين فى نفس الوقت وهى تتعامل مع كل واحد منهم على أنه العريس المنتظر ..وكان عدوى بيه صاحب النحافة الشديدة أكثرهم غراما وأعجابا بنوفى ..يحضر لها كل يوم ورده حمراء ويقدمها لها مصحوبه ببيتين شعر يألفهم لها خصيصا وهو يقول:
يسكن الشعرُ في حدائق عينيكِ .................... فـلـولا عـيـنـاكِ لا شــعــر يــكــتــب
مـنـذُ أحــبــبــتــكِ . . . الـبـحـارُ .................... أصـبـحـت مـن مـيـاه عـيـنـيـكِ تـشـرب
حـُـبـكِ الـبـربـريُ أكـبـرُ مـنـي .................... فـلـمـاذا عـلـى ذراعـيـكِ أُصـلـب
أنتِ أحلى خُرافـةٍ في حـيـاتـي .................... والـــذي يــتــبــعُ الــخــرافــات يـتـعـب
تضحك كابتن نوفى وتأخذ منه الورده : مرسيه يا أستاذ عدوى كثير قوى ورد وشعر مره واحده ياترى قولته لكام واحده قبل كده
يرد عليها عدوى بالشعر وهو فى حالة هيام :
عشرين ألــف امرأةٍ أحـبـَـبـت .................... عشرينَ ألفَ امرأةٍ جربت
وعندما التقيتُ فيكِ يا حبيبتي .................... شـــعرتُ أني الان قد بدأت
- يانهارك أبيض ياعدوى 20 ألف واحده حبيتهم ده أنت مفترى قوى .. وأيه ياعم الشياكة دى كلها كل يوم لابس لى تشيرت جديد وشورت جديد.. بس مش عجبانى عضلاتك مخستيكه شويه عايز تمرين جامد ( تشير إلى زراعيه النحيفتين وساقيه الدقيقتين ) يضحك عدوى وهو يقول ساخرا من نحوله
كفى بجسمي نحولاً أنني رجلٌ ... لولا مخاطبتي إياك لم ترني
حبا ووجدا قد ألم بى ............. برى من جسدى اللحم والعظمِ
- وبعدين يا عدوى معاك ما هو أنا قولت لك أللى فيها أدينى فرصة أفكر
-وينشد لها قائلا :
حبيبتي : إن يسألونك عني
يوما، فلا تفكري كثيــــــــرا
قولي لهم بكل كبريــــــــــاء
يحــبني...يحبنى كثيرا
نوفى :أنت ياعدوى بيه لازم تحسن صحتك قبل ماتفكر فى الجواز سواء منى أو من غيرى
- كيف من غيرك هذا مستحيل
مستحيل القى مثيلك .. مستحيل احب احد غيرك
________________________________________
مستحيل القى مثيلك .. مستحيل احب احد غيرك
مستحيل مستحيل
-أنا مش قدك ياعدوى بيه أنت شاعر كبير .. ما عندكش حاجه غير الشعر
سيدتي -
أنا لا اكتب الشعر-
ولكن من اجل عينيك كتبت أشعاري
ومن اجل عينيك جعلت الحب أجمل أفكاري
لك سيدتي ... اقطف النجوم وبها اصنع لك أغلى التيجان
- أنا موافقه يا عم عدوى يا شاعر أتجوزك حتقدر على مهرى
- شعرى هو مهرك وكل بيت فيه هو بيتك
- يعنى كلام فى كلام
- أنا يابنتى لا أملك غير الكلام ..هو فيه أحسن من الكلام فى هذا السن
- برافو عليك ياعم عدوى طمنتنى
هههههه
أسلوب التعامل مع كبار السن
لكبار السن تقدير وأحترام رفيع
ولا شك في ذلك ولكن هناك ما يكون من الذوق الخلقي الرفيع في التعامل مع كبار السن من الغرباء
عندما نلتقي بهم في الأماكن العامة
وإليك هذه الومضات الذوقية:
- قد يهذي المسن بأحاديث لا قيمة لديك بشأنها
فاحترمه وقدر سنه وأستمع له
وتذكر اللهم أرحمنا في أرذل العمر.
- في كثير من الأماكن العامة المزدحمة كالمستشفيات
يلزم بها الجميع بانتظار المواعيد فكن ذا حس صادق
ولا تجلس وتدع كبار السن يقفون متكئين على الجدار!
- تذكر أن المسن يتضايق من وحدته ويفرح كثيرا عندما يلتقي بالآخرين لذا رحب به إن بادر الحديث معك واسأله عن أحواله وشأنه ولاحظ مدى سعادته.
- إذا تسبب المسن في إسقاط شيء
في مجلس أوعرقلة للنظام في مكان فلا تقابله مباشرة بالكلمات المخطئة أوالمشفقة
بل أصلح الأمر بصمت وغير مجرى الحديث.
- قد يعاني معظم المسنين
من ضعف السمع والبصر والنطق لكنه يتجاهل ذلك
فكن ذو لباقة ولا تطلب منهم تكرار مايقولونه أوتريهم
ما يريدونه بسرعة أوحتى تتحدث إليهم
بصوت منخفض وسريع !
- يفرح المسن بمن يقدم له المساعدة بدون
أن يطلبها منه مثلا عند وجود درج بادر
وأسند يده بيدك ولا تقف خلفه أوتتخطاه محملقا به فقط!
بعض المسنين يعانى من مرض السلس البولى وعدم التحكم فى مسك وتناول الأشياء..لا تظهر أمتعاضك أو قرفك أو توبخهم فليس على المريض حرج
كثيرا مايكون المسنين لهم طريقة معينه فى النطق نتيجة تآكل الأسنان
أو يعانون من النسيان كمرضى الزهايمر الذى يصيب نسبه كبيره منهم
فلا تجعلهم ماده للضحك أو السخريه بل أستمع لهم فى هدوء وبدن ضجر
ولا تقل لهم أف ولا تنهرهما وقل ربى أرحمهما كما ربيانى صغيرا
كن بارا بأقربائك وجيرانك من كبار السن وأظهر لهما كل الود والمحبه
وأخيرا افعل ماشئت فكما تدين تدان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق