غطينى يا صفية وصوتى
وبما أننى مواطن صالح من الدرجة الأولى أعلم حقوقى وواجباتى وأأديها راضيا أو مجبرا تأثرت بالدعاية التى بثها التليفزيون على مدى شهر بضرورة مشاركة المصريين فى الأنتخابات .. فقلت أنا لها أنا لها ..وجاء يوم العزة والكرامة لأنتخب من يوصل صوتى تحت القبه من أجل مستقبل أفضل لى وللأجيال القادمه
وهلت البشاير وأمتلء صندوق بريدى عن آخره بخطابات ودعاوى السادة المرشحين للمجلس الموقر ..كيف حصلوا على عنوانى وعرفوا بأنى لديا بطاقة أنتخابيه فهذا مازال لغز محيرنى فطوال الفتره التى لم يكن عندى فيها بطاقة لم يعبرنى مخلوق
وجاء يوم الأنتخاب الذى يكرم فيه المواطن أو يهان فقمت فى الصباح وأرتديت بدله شيك وذقن حليق ونظارة المناسبات السعيده مع قليل من الجيل والبرفان الذى أحضره الأولاد فى عيد ميلادى وتوجهت إلى اللجنه سيرا على الأقدام فوجدت حولها خلق غفير يبدوا على سيماهم البلطجة والأجرام وتلقفونى مثل المناديين والسماسره بمحطة مصر فهذا مندوب أخوانى ذو لحيه وطاقيه ويمسك فى يده ميكروفون وهو يخطب خطبة عصماء تلين قلب الحجر الأصم ويجعلك تشعر بأن مرشح الأخوان يحمل معه مفاتيح الجنه والنار وذاك من الوفد وآخر من التجمع وسيده جميله لابسه شيك من الغد وهى تسرسع بالنداء على مرشحة الكوته وهؤلاء جميعا يبعدون مئات الأمتار عن مقر اللجنه ويحتلون المداخل والمخارج إليها أما مناديب الحزب الوطنى الأشاوس فقد وقفوا على باب اللجنه الرئيسى ومعهم كتيبه من الأمن المركزى وهم يهتفون ويطبلون ويرقصون فقلت فى نفسى هل النتيحة ظهرت مقدما قبل أن ندلى بأصواتنا فقلت لا بأس فالحزب الوطنى تعودنا منه الفوز منذ عشرات السنين
أقتربت من اللجنه وقبل أن أصل للباب شعرت بيد قويه تقبض على يدى
- على فين يابيه
- داخل أنتخب .. لو سمحت تعالى خد الواجب بتاعك الأول ( وغمز لى بعينه الشمال )
لم يعطنى فرصة للرد وسحبنى للسرادق المقام أمام اللجنه .. وترررك ( ده صوت فتح زجاجة الحاجة الصاقعة) أتفضل ياباشا .. شعرت بعمق الكرم الحاتمى فأخذت منه الزجاجة ووقفت أبرقعها بأنتعاش وقرب نهايتها تقدمت فتاه صغيره وهى تحمل صينيه عليها شيكولاته فأخذت كام واحده لي ولأحفادى أصلكم ماتعرفوش طعم وحلاوة شيكولاتة الحزب الوطنى وجائت فتاه أخرى وهى تحمل صنيه عليها جاتوه وسندوتشات مغلفه فلم أكسفها هى الأخرى وأكلت أحلى سندوتشات ومعها قطعة جاتوه محترمه من أم 10 جنيه ومسحت فمى ويداى بمنديل معطر وحمدت الله على نعمته على هذا الأفطار الراقص والأستقبال الحافل من مناديب الحزب الوطنى وبدأت بالدوران للخلف لأذهب للجنه وجدت اليد القويه تقبض على يدى مره أخرى فقال لى : رايح فين يابيه .. رايح أنتخب بقى .. تنتخب مين .. أنتخب أللى أنتخبه أنا حر .. سكت قليلا أنت معاك بطاقة أنتخابيه فقلت له أيوه معايا بطاقه سكت قليلا وهو يحدق فى ويبتسم أبتسامه بايخه وقال مانفسكش تقابل سيادة الوزير وتسلم عليه وتقول له طلباتك .. فقلت هو سيادة الوزير فاضى يسمع طلبات دلوقتى .. مالكش دعوه تعال بس معايا .. فحسبتها فى دماغى بسرعة .. لو قلت لأ وعملت فيها رجل حر سيرمونى للعيال البلطجيه والنسوان الشلق يقطعونى أربا تحت سمع وبصر البوليس وماليش ديه ..وعلى أيه البهدله وقلة القيمه وأنا لابس بدله ونظاره وحاطط جيل وبرفان ما هم ناجحين ناجحين
فقلت أسوق الأستهبال لما نشوف نهايتها أيه معاهم وسيرت معه لأجد نفسى وجها لوجه أمام السيد الوزير وتحيط به كوكبه من البهوات والباشاوت الذين نراهم فى التليفزيون ودفعنى ذو اليد قويه لأجد يد الوزير ممدوده لى فأصافحه وأحتضنه لأنه أحتضننى هو الآخر فلابد أن أجامل الرجل لأن طعم السندوتشات والجاتوه والشيكولاته والحاجه الصاقعة لم تستقر بعد فى جوفى وعملت بالحكمة التى تقول من أكل طعام المعز ضرب بسيفه تعددت الأسباب والموت واحدٌ ولن أخرج من هنا سالما و بما أننى مواطن صالح أعرف حقوقى وواجباتى صرخت بأعلى صوتى ومن ورائى الجماهير وطنننننى وطننى هوووم هوووم
الوزير وقد أرتسمت على وجهه الصبوح أبتسامه رضا وقال : مالكش أى طلبات
فقلت متزلفا ( أعذرونى فى الحته دى فأنا فى داخل عش الدبابير ) : نفسى يامعالى الوزير أن أنضم للحزب الوطنى ودلوقتى .. ينظر لى وهو يبتسم أبتسامه لا أنساها ويعلو صوته : أديله أستماره يالطفى ..ويردد ورائه باقى الكوكبة نفس النداء : أديله أستماره يالطفى .. أديله أستماره يالطفى.
- أملئها الأن معاليك
- أملئها على مهلك وقدمها بنفسك لمقر الحزب
- ممكن توصيه من سيادتك .. هات ياسيدى وآدى أمضى .. يعيش سيادة الوزير حبيب الملايين .. أروح أنتخب بقى يا جماعة
- أتفضل وأرجع هنا تانى عشان تاخد هديتك .. ربنا يخليك ياباشا يا مغرقنا بخيرك - ماتقولش كده ياراجل.. يازناتى دخل البيه اللجنه
أسمع صوت فى الميكرفون وهو يقول : المواطن الشريف زيزو زكريا فليتقدمممم سررر على بركة الله وأعطى صوتك لمن يستحقه إلى الأمام يازيزووو فى رعاية الله
- أدخل اللجنه معززا مكرما بصحبة عم زناتى ويبدو من منظره أنه مخبر قديم وأقدم بطاقتى العزيزه فيقول : زيزو زكريا .. أيوه ياجناب المستشار .. لو سمحت نشوف صوابعك .. حط الصباع ده هنا فى الحبر الفسفورى ..أتفضل ياباشا الأستماره سودها وراء الستاره وضعها فى الصندوق .. أدخل وراء الستاره وأفتح الأستماره فأجدها متسوده جاهزه قولت ياولاد الحراميه والله لأبوظها وطلعت القلم وقمت مسود على كل المرشحين وطالع بسرعة البرق ووضعها فى الصندوق وقمت خارج من باب اللجنه وأنا أهتف وطننننى وطننى هوم هوم هوم وأخدت ديلى فى سنانى ويافكيك
دون أن ألتفت خلفى أو أرد على نداء عم زناتى الذى يلاحقنى ولكنى أختفيت فى الزحام وفى الطريق قمت بتمزيق أستمارة الحزب والبطاقه الأنتخابيه فشعرت بعدها بأرتياح غريب وأنا أردد مقولة سعد باشا : غطينى ياصفيه وصوتى مفيش فايده
ههههههههه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق