كان
الحسينية حيـًّا شديد الحساسية نظرًا للتقلُّبات الاقتصادية والسياسية منذ العصر
المملوكي العثماني، وأفراده كانوا فى الأصل عسكرَ الأحياء أو عصبَ الأحياء وأستغنى
عنهم ومعظمهم ممن لا يعملون وصغار الحرفيين، وأطلق عليهم الفتوَّات الجدعان،
واشتهروا بالمهارة في الضرب والخناقات وانقطعوا لحماية من استجار بهم، وكانوا في
الغالب أهل مروءة.
وقد قفز
إلى المشهد فتوات الحسينية عندما تظاهرت
نساء حي "درب مصطفى" بالقرب من باب الشعرية في آخر عهد المماليك ضد عمال عثمان بك البرديسي الذين جاءوا لجمع إتاوات جديدة، وانهلْنَ
عليهم ضربـًا بالعصي والمقشات، والشباشب وسِرْنَ في مظاهرة صاخبة وبأيديهنَّ
الدفوف يُغنينَ "إيش تاخد من تفليسي.. يا برديسي".
وعندما
علم فتوات الحسينية بما فعله نساء "درب مصطفى"، اتقدت حماستهم وتصدروا
هم للأمر، وخرجوا في جموعٍ كبيرة واتجهوا إلى بيت القاضي، وطلبوا منه أن يتدخل عند
البرديسي لوقف المظالم والإتاوات التي فرضها على الناس. وبعد تَدَخُّل القاضي
وتحذيره من مغبة استمرار تلك السياسات الجائرة، أذعن البرديسي، وأصدر الأمر إلى
عماله بأن يكفُّوا عن جمع الضرائب و"الفِردات" التي فرضها على الناس وفي عالم الفتوات أسماءٌ كبيرةٌ لها صيتها،
تستحق أن نتكلَّم عنها بالتفصيل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق