المضحكخانة ( الضحك له تاريخ )

مجموعه من الظرفاء اتخذوا من قهوة بعره في حي الخليفة بالقرب من السيدة سكينة مقر لهم وسموها المضحكخانة الكبرى وذلك فى أواخر القرن 19..فقد شاع صيتها في القاهرة، وكان يأتيها الناس من كل ناحية، بل كان يأتيها بعض الأمراء في زي الفقراء ليروا هذه الأعجوبة.وكان يدير هذه الجلسة في القهوة الشيخ حسن الآلاتي ، فيفتحون موضوعا ويتنادرون عليه ويدخلون لبعض قافيه ، وينتقلون من باب إلى باب حتى يتقدم الليل، ويتخلل أحاديثهم أحيانا زجل وأحيانا قصص وأحياناسباب .. إلخ.وقد مات الشيخ حسن الآلاتي سنة ١٨٨٩م ولم يضيع مجهوده سدى بل الف من ذلك كله كتاب دوّن قيه بعض ما كان يجري سماه: ترويح النفوس ومضحك العبوس . طبع في ثلاثة أجزاء.وأظهر ما في هذا الكتاب من فنون المضحكات فن والمفارقات الاعيب، ، فيقول مثلا في خطاب أرسله إلى مسؤل كبير: وإلى السيد المهاب والضبع الوثاب الصادق الكذاب.. عالم العصر ومصلي الظهر ..وتارك العصر.. الجاهل بصلاة القصر، الذي بني على ظهره مائة قصر، الذى تهابه الخرفان، وقاهر الشجعان، الضارب بالنقرزان أعظم من ابن خلكان مولانا الشيخ رمضان. ها، والكتاب مملوء بالقصص والتنكيت ، وتلاعب بالنحو والإعراب والعرضحالات وكان يعاصر حسن الآلاتي ويجري معه في هذا المضمار عبد الله نديم المتوفي سنة ١٨٩٦، فقد أنشأ مجلة أسبوعية اسماها التنكيت والتبكيت كما أنشأ مجلة أخرى اسمها (الأستاذه) وفي كلتا المجلتين كان يمزج الجد بالهزل والكلام السياسي وينقد الحياة الاجتماعية في شكل فكاهي جذاب، وعلى هذا المنوال أنشئت جريدة وخمارة ينى، وغيرها من المجلات مثل الكشكول وآخر ساعة والمسمار التى بعدت عن الأدب الكلاسيكي واتصلت بالأدب الشعبي، وغنيت بالنكت وبالتعبير اللاذع وبالنقد المخفف بالفكاهة.والنكتة أنواع، فمنها العقلي الذي يستخرج الإعجاب لما فيه من دلالة على ذكاء، ومنها اللفظي الذي قيمته في التلاعب باللفظ، ومن خصائص النكت العقلية أنها عالمية يمكن ترجمتها إلى اللغات الأخرى من غير أن تفقد قيمتها، أما النكت اللفظية والفاضحة كانت تنتشر فى تلك الأيام.. فنحن المصريين أصحاب النكته والضحكة الصافية نشأنا بين شعوب عابسه تحتاج لمغراز لتضحك.. رحم الله ظرفاء مصر السابقين واللاحقين