الخميس، 30 نوفمبر 2017

شاوسيكو


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏


 قالوا : معظم النار من مستصغر الشرر .. وهذا ما حدث بالفعل فى رومانيا .. كان بمثابة القشة التى قصمت ظهر البعير .. فما تلك القشة ؟ فى يوم السبت السادس عشر من ديسمبر عام 1989 ، حاولت قوات الأمن المعروفة باسم السيكوريتاته القبض على قس من أصل مجرى يقيم فى مدينة تیموشوارا، شمال غربی البلاد ، و ذلك بسبب معارضته تظام حکم شاوشیسکو، ولما علم السكان بذلك قاموا بعمل طوق أمنى حول بيت القس لمنع قوات الأمن من القبض عليه .. وتحول ذلك إلى مظاهرة غاضبة تهتف بسقوط الحكومة وتطالب بالحرية .. واتسع نطاق المظاهرات ليشمل مدناً جديدة !! بعد یومین من اشتعال تللی الظاهرات ، ای فی یوم 18 دیسمیر توجه شاوشیسکو لزيارة إيران تاركا قوات الأمن تتعامل مع المتظاهرين بوحشية . واشترك الجيش بمختلف أسلحته فى قمع تلك المظاهرات .. وسقط العديد من الضحايا ، وحفرت المقابر الجماعية على عجل لإخفاء تلك الجثث . وعاد شاوسيکو من الخارج ليعلن حالة الطوارى فى البلاد ، وليعطى أوامره بضرورة وقف هذه المظاهرات مهما كان الثمن .. وطالب حكومته بعمل مظاهرة تأييد ، ووقف يخطب فى تلك المظاهرة المؤيدة ، إلا أنه لأول مرة يسمع الهتافات التى تطالب باستقالته و محاکمته !! استدعی شاوسيکو وزیر دفاعه «فاسیلی میلیا» وأمره آن یقتضی علی هذه المظاهرات ولو بقتل جمیع التظاهرین ... و کان رد الوزیر مفحماً حینما قال : یاسیدی إن الجيش لا يستطيع قتل 23 مليون مواطن هم عدد المتظاهرين ، وهم أيضا عدد سکان رومانيا !!ربما تحتوي الصورة على: ‏شخص واحد‏


ربما تحتوي الصورة على: ‏‏شخص واحد‏، و‏‏لقطة قريبة‏‏‏


قصة سقوط ديكتاتور
قد يطول حكم الطواغيت ويمتد إلى سنوات وسنوات .. ومع ذلك فما أسرع سقوطهم !! إنهم يتساقطون بلا مقدمات وبأيسر الأسباب !!
الطاغية فی حکمه یشبه الجبل الرملی ، بارتفاعه الشامخ ، وجسومه فوق سطح الأرض ، فإذا ما تسربت قطرات يسيرة من الماء من خلاله سرعان ما انهار وتفتت إلى ذرات صغيرة من الرمل لا وزن لها !! أو كشجرة تبدو قوية عتيقة ، إلا أنه لا جذور لها ، فإذا ما وصلت إليها دابة الأرض ونخرتها هوت من عليائها !!


شاوسيکو طاغیة رومانیا، لا پختلف کثیراً عن غیره من الطواغیت فی حکمهم وإذلالهم لشعوبهم .. وقد يکون الاختلاف الوحید عن هؤلاء الطغاة هو فى طريقه الإذلال ، وكيفية السقوط !!
قالوا له مستشارينه : إن الناس يكرهونك .. فأجابهم : هذا لا يعنينى مادام الخوف منى يملأ قلوبهم !!
كان سقوط شاوشيسكو أشبه بحلم سريع الأحداث .. وعلى الرغم من أنه رأى بعينيه رموز الطغيان فى العالم تتهاوى من حوله ، إلا أنه استبعد ذلك عن نفسه ، ورای أنه شیء مختلف تماماً عن غیره !! فقد رأی تهاوی الطغیان الشیوعی فی بولندا، و المجر، وبلغاریا ... و کثیر من دول اوربا الشرقیة...
شاوشیسکو، الذی تولی حکم رومانیا عام 1965 لم یدر بخلده أن الدور حتما سیأتی علیه ... واعلن فی خطاب له قبیل اعدامه : بأن التغییر سيصل إلى رومانيا فى حالة واحدة .. عندما تطرح أشجار الحور العتيقة ثمار الکمثری بلغتنا الدارجه لما تشوفوا حلمة ودنكم !!
كان آخر خطاب ألقاه تحت حراسة أمنية مشددة ، منع الصحفيون الأجانب من تغطية وقائع هذا المؤتمر ، الذى وقف فيه شاوشيسكو يخطب لمدة خمس ساعات ويؤکد ان رومانیا تسیر قدماً فی طریق الفردوس الاشتراکی !! ای فردوس هذا ، والناس هناك ضياع مشتتون طلبا ، لیسی فقط لقوتهم الیومی ، ولكن طلبا لما يسد حاجتهم لوجبة واحدة !! وهذا ما نستنتجه من حال تلك السيدة ، الی تمکنت بعد صمود و صبر وطول انتظار فى طابور أمام أحد المحلات لبيع البيض ، وأخيراً ظفرت ببيضتين ، وما أن انصرفت حتى وقعت بيضة منهما على الأرض ، فجلست تلم محتويات البيضة وقد اختلطت بالتراب ، وتقول إن هذا أيسر بكثير من محاولة شراء بيضة أخرى !! لقد كانت تعلم أن شراء بيضة أخرى ضرب من ضروب المستحيلات !! وقس على تلك السيدة جموع الشعب فى رومانيا !! أما فى القرى فيقف الآباء فى طوابير طويلة أمام المتاجر فى المساء بعد عودتهم من العمل لشراء احتياجاتهم ، ويتسلم الأجداد منهم نوبة الشراء فيقفون أمام المتاجر بدورهم اعتباراً من الساعة الواحدة بعد منتصف الليل ليحجزوا مكانا لهم انتظارا لافتتاح المتاجر فى الصباح ، وبعد الشراء يتوجهون إلى بيوتهم للنوم ، باعتبار أنهم متقاعدون عن العمل .. وهذا تنظيم جديد مبتكر فى الأسرة الواحدة ابتكره نظام شارٹیسکو الطاغیة!!
كان هذا عن حال الشعب .. فماذا عن حال شاوشيسكو وأعوانه ؟! كان شاوشيسكو وأعوانه يعيشون حياة ترف وبزخ لا حد لها .. كان الشعب ينظر بمرارة وحسرة إلى مشروع قصر الشعب العملاق وقد أوشك أن يكتمل، وهو قصر الرئاسة الجديد الذى كان شاوشيسكو يأمل أن ينتقل إليه ، إلا أن القدر لم يمهله .. كان يفخر بأن مساحة هذا القصر تفوق مساحة قصر الإليزيه بفرنسا .. ويخرج من فناء القصر طريق جديد أطلق عليه اسم الثورة الاشتراكية، .. وقد أقيم هذا القصر على أطلال مساكن كانت تعج بالبشر من عامة الشعب .. أزيلت هذه المساكن ليقام على أنقاضها قصر الشعب !! و قد ذکرت صحیفة والتریبیون دی جینیف، السویسریة أن عائلة شاوشیسکو تمتلك نحو 400 مليون دولار ذهبا فى البنوك السويسرية ، كما أن السفارة الرومانية فی باریس کانت تعمل لحساب «ایلینا، زوجة شاوسيکو لاختیار افخر الثیاب والحلی من باریس
وکان لدی شاوسيکو ثلاثة مکاتب رئاسية ، وخمسة قصور للسکن ، 39 بیتا للضیافۃ معدة له خصيصا فى مختلف أنحاء رومانيا ، تظل مغلقة طوال العام باستثناء ساعات قليلة يقضيها فيها ليقيم هناك حفلاته الصاخبة .. إلى جانب ذلك كان لديه 21 شقة رئاسية فى السفارات بالخارج ، وكان يمتلك تسع طائرات وثلاث طائرات هلیکویتر مجهزة، وثلاثهٔ قطارات رئاسیة من احداث الطرز ، و مستشفی مخصص لعلاجه وأفراد أسرته .. وكان مخصصا له بدلة جديدة وحذاء جديد كل يوم من أيام السنة،!! أما عن بزخ زوجته إيلينا، وابنته "زويا، فحدث ولا حرج .. كل هذا فى الوقت الذی کان فیه الشعب الرومانی افقر شعوب اوربا !! لم یکن شاوشیسکو یقبل آی نقد لنظامه ، حتی لوکان هذا النقد صادر من احد رجالته ... کتب الیه المدعی العسکری خطابا اتهم فیه حرس الحدود بالرشوة و ارتکاب اعمال وحشیة ضد الواطنین ... وبدلا من أن يأمر شاوشیسکو بالتحقیق فی ذلک ، امر بفصل المدعی العسکری من عمله ، ثم او دعه السجن بعد ایام ، و مارس معه كل أنواع التعذيب ، حتی تمکن من الهرب سرا بر فقة زوجته تارکا اطفاله الثلاثة فی جحیم شاوشیسکو !!
بداية الانهيار
فصاح فیه شاوشیسکو : لقد کشفت عن و جهلک الحقیقی ایها الخائن ... و وجه إليه ثلاث رصاصات قاتلة !!
ولم يكن مقتل وزير الدفاع إلا إيذاناً بتخلى الجيش عن مقاومة المتظاهرين فحسب ، بل الانضمام الی هؤلاء المتظاهرین ... و ازداد موقف شاوسيکو سوءاً خاصة بعد آن هاجمته الدول الخارجیة... ولم یکن آمام شاوشیسکو سوی الهرب ... كان بقصر الرئاسة مجموعة من الأبواب السرية تؤدى إلى أنفاق تحت الأرض .. اختفى شاوشيسكو وزوجته فى أحد هذه الأنفاق ، وتمكنا من الصعود فوق القصر، حیث کانت الطائرة فی انتظارهما، و طارا الی مدینة تیر جو فست» علی بعد حوالی 70 کیلومتراً من العاصمة ، وکان شاوشیسکو قد اعد هنا لك مقر سریاً للاقامة فیه فی حالة الطوارئ.
و ما آن وصل شاوشیسکو و زوجته إلى تيرجوفست حتی و جدا قوات الجیش فی انتظارهما، ووضعهما رهن الاعتقال ، وقدّما إلى محاكمة عاجلة، وفى الخامس والعشرين من ديسمبر حكمت المحكمة عليهما بالإعدام !!
و اقتاد الحراسی شاوشیسکو و زوجته فی سیارهٔ مصفحة الی غرفة الاعدام ، و قد ارتسمت علامات الشرود علی وجهه ، أما زوجته فقد آنهارت تماماً، وان کانت تحاول الظهور متماسكة !!
و تکونت فرقة الرماة من ثلاثة جنود ... وتم تنفیذ الحکم فی شاوشیسکو و زوجته رمیا بالرصاص ، ولیسدل الستار علی حیاة شاوشیسکو وعائلته وعلی فترة کئیبة من تاریخ رومانیا، ولیتنفس الشعب الرومانی نسیم الحریة بعد ظلم النظام الاشتراکی الذی ظل جاثماً علی صدره بقیادة نیکولای شاوشیسکو وأسرته
لمدة 25 عاما



ليست هناك تعليقات:

قهوة الحراميه

  ألتف الحرامية حول المعلم فيشه شيخ المنصر وهم فى حالة تزمر وأنزعاج بعد أن أعلن عن نيته فى التوبه والأعداد لرحلة الحج فقال له مقص الحرامى : ...