الأربعاء، 28 يونيو 2017


حكاية كل يوم (43)
صفحة من كتابى رحلة سفارى فى صحراء مصر الغربيةعام 1977
الجارة أو قارة أم الصغير
دعوة الشيخ التي أصابت واحة الجارة
 كان الشيخ الطرابلسي قادمًا من ليبيا في طريقه إلى الحجاز سيرًا على الأقدام لأداء فريضة الحج، فمر بواحة "الجارة" أو "أم الصغير" إحدى الواحات السيوية الصغيرة التى تبعد عن الواحة الأم 130 كيلومتر فرشقه بعض الصبية بالحجارة، فدعا عليهم الشيخ بقلة النسل، وقد كان. 
هذا ما استقر في ذاكرة أهالي الواحة التي تُعَدّ أصغر واحة في مصر حيث لا يتعدى سكانها 3400 نسمة لا يزيدون ولا ينقصون، ويسود اعتقاد قديم لدى الأهالي أنهم لو أنجبوا طفلا في الصباح فإن شيخًا من كبار السن سيموت في المساء، وتصادف أنه كثيرا ما كان يحدث ذلك.
وحين تزور واحة الجارة عليك أن تقطع 1300 كم شرق من واحة سيوة حتى تصل إلى هذه الواحة التي يحيط بها من الخارج سور أشبه بأسوار القلاع له باب واحد فقط يغلق على سكانها في المساء خوفًا من الضباع التي تعيش بكثرة على تخومها وتهدد أهل الواحة وتفتك بثروتهم الحيوانية.
وأهل "الجارة" ظلوا حتى قيام ثورة يوليو 19522 لا يعرفون شكلاً من أشكال العملة النقدية مكتفين بالمقايضة، وهم يعيشون -إلى الآن- على الزيتون والبلح ويستخدمونه في المقايضة بما يحتاجونه من سكان القرى الأخرى والأغراب، وهم في حياتهم أشبه بجدارية عتيقة، فمنذ قديم الأزل لا يفكرون إلا في دعوة الشيخ الطرابلسي، ويدعون الله أن تنتهي هذه اللعنة التي أصابت نسلهم!.
وعند مقابلتى للشيخ حسن (أحد وجهاء الواحة ) ظل يحكى لى  تاريخ الجاره الموغل فى القدم وقمنا بزيارة سويا لقلعة الجارة وهى مبنية من الطين والملح وجريد النخل لو شاهدتها لأول مره لطفق إلى مخيلتك جبلاية القرود .. فلها بوابة ضخمة تغلق فى المساء وبجوارها حصن صغير ملحق بها ليجلس بها حراس الليل .. دخلنا من البوابه كأننا أنتقلنا إلى عالم ألف ليله وليله فالطريق ضيق لا يسع ألا فرد واحد وهو صاعد يمر بجميع طوابق القلعة التى قسمت لحجرات ضيقة مظلمة لا يوجد بها غير الباب وفتحة لشباك ضيق وكان هذا الدور مخصص للعرسان الجدد يقيموا فيه حتى يرزقوا بأولاد وهذا نادرا لقلة النسل معتقدين فى دعوة الشيخ الطرابلسى ويظل الطريق يصعد بنا لنصل على ساحاة كبيرة متعددة الأستخدمات فهى تستخدم كسوق أو ساحة للأحتفال او اللهو .. وتأملت فى أسلوب البناء العجيب فوجدت أن الطفلة الجبلية مخلوطة بالرمال والملح الجبلى والقش وكسر الطوب ويتم تشكيل منه الحوائط والممرات تشله هذه القلعة مستعمرات النمل الأبيض ..ودلف بنا لطريق فرعى يلف القلعة من أعلى يتواجد به الرجال للدفاع عن أنفسهم ضد العربان ولصوص الصحراء .. حصن بمعنى كلمة حصن
 ومع تقدم الزمن ووصول الحضارة الحديثة وعمل طريق لهذه الواحة الصغيرة ودخول العمران هجر الأهالى الحصن وقاموا بالبناء المعروف خارجة وفى اول زيارة لرئيس الوزراء لهذه البقعة طلب منى تقديم كافة التسهيلات لأبناء الواحة الصغيرة وأمر بأن تفتح لهم فصول لمحو الأمية يقوم بالتدريس فيها الجنود والضباط وقمنا بأفتتاح عيادة طبية يمر بها طبيب الوحدة كل اسبوع كما أهداهم عربة اسعاف بالأضافة ماكنا نقدمه لهم من أمداد غذائى كل شهر
 وعندما تدخل هذا الحصن تشعر بأنقباض غريب فسألت الشيخ حسن عن سبب هذا الشعور .. فقال لأنك غريب وهذا المكان مسحور من قديم الزمن لمنع الغزاة من الأقامة فى الحصن فتحرسه الجان والأرواح ونحن قد غادرناه بعد أن كثرت فيه الحوادث الغريبه ولكننا لا نستطيع أن نستغنى عنه فهو ملجئنا الذى نختبئ به عند تعرضنا لأى شر قادم من الصحراء

ليست هناك تعليقات:

قهوة الحراميه

  ألتف الحرامية حول المعلم فيشه شيخ المنصر وهم فى حالة تزمر وأنزعاج بعد أن أعلن عن نيته فى التوبه والأعداد لرحلة الحج فقال له مقص الحرامى : ...