حكاية كل يوم (44)
مكتشف الواحات المفقوده (صفحات من رحلة السفارى فى صحراء مصر الغربية)
حكايتنا اليوم عن مستكشف مصرى عظيم ضاع أسمه وأندثر ولا يعرفه سوى الباحثين الجغرافيين والجمعية الجغرافية الأنجليزية لأنه كان من الباشوات وينتمى للأسره المالكه وكان رئيسا للديوان الملكى فى عهد الملك فاروق هو بطلنا أحمد حسنين باشا
يوم 19/4/19233م تحرك المستكشف المصري العظيم أحمد باشا حسنين من واحة الكفرة بليبيا يقود قافلة مكونة من تسعة عشر فردا منهم ثلاثة من قبيلة التبو وعدد سبعة وعشرون جملا متجهين إلي الجنوب إلي المجهول إلي أرض لم تطأها قدم عربي أو أوروبي من قبل وأثناء خروجه من الكفرة كان الوداع من أهلها خليط من الخوف والأمل مع الدعاء المخلص بالسلامة والتوفيق في هذه المهمة المجهولة النتائج والتي لم يتمكن أحد من زعماء ومشايخ القبائل الليبية من اقناع أحمد باشا بعدم القيام بها فقد كان في قرارة نفسه قد صمم وعقد العزم وكان الجو حارا جدا وأشعة الشمس حارقة وهو ما كان يجبر الجمال لثقل حمولتها علي التوقف ثم تبرك للراحة وقد لاحظ أن رجال التبو كانوا يتعاملون مع هذا الموقف بأسلوب خاص بهم توارثوه ..وهو وضع الإبهام علي وريد بجبهة الجمل والضغط بقوة مما كان له مفعول سحري غريب علي الجمال فكانت تنهض فورا وتنطلق حتي لا تتسبب في توقف وتعطيل القافلة مما قد يؤدي إلي توابع أبسطها التأثير علي كمية المياه والطعام المتوفرة بالقافلة والمرتبطة بحسابات دقيقة.
الواحات المفقودة : جبال وواحة أركينو المجهولة
وبعد خمسة أيام مرهقة للغاية وسط جفاف وقحولة شديدة وتضاريس قاسية أي فجر يوم الثالث وعشرون من أبريل ألف وتسعمائة ثلاثة وعشرون وقع بصر أحمد باشا علي جبال وواحة أركينو المجهولة والتي لم يرها أحد من قبله ولم توقع علي أي خريطة فهذا القطاع بالكامل مجهول للعالم أجمع فكان اكتشافه الأول لواحة مفقودة وبعد مائة وعشرة أيام من مغادرته للسلوم شمال غرب مصر ...وسجل في مذكراته والتي طبعت ككتاب رائع تحت عنوان 'الواحات المفقودة' باللغة العربية والإنجليزية أن جبال هذه الواحة ارتفاعها خمسمائة متر من الجرانيت الوردي وأن مياه العيون بها غير مستساغة ومصدرها الأمطار والتي تتجمع في الشقوق والتجاويف المنتشرة هنا وهناك وليست من ابار جوفية وأن هذه الواحة مرتفعة علي غير الحال في جميع واحات صحراء مصر الغربية والتي تقع بمنخفضات وبعد إقامة خمسة أيام بالواحة قام خلالها بتسجيل إحداثياتها وأبعادها مع تجميع عينات من تربتها وصخورها وترقيمها لإثبات هذا الاكتشاف وتسجيله باسمه
كان أحمد حسنين بطلاً دولياً في الشيش وممثل العرب الوحيد في دورة استكهولم التي جرت عام 1912 وكان في ذلك الوقت طالباً في انجلترا،.وهو ما أثار فزع الأمير محمد علي توفيق حينما تحداه ذات يومٍ للمبارزة. وقد جرى تعيينه سكرتيراً أول للمفوضية المصرية بواشنطن، بعدها نِقلَ إلى المنصب نفسه في سفارة لندن. وقد نجح في جذب قلب لطفية هانم -ابنة الأميرة شويكار وسيف الله يسري باشا- وتم له الزواج منها. بعدها عُينَ عام 1926 أميناً أول في قصر عابدين، ولما سافر الملك فؤاد في رحلته إلى أوروبا اصطحبه معه.
أصدر أحمد حسنين باشا كتابه "الواحات المفقودة" باللغة الإنجليزية عام 19255، ثم ترجمه أمير نبيه وعبد الرحمن حجازي في عام 2006 ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر. وقد نظم أمير الشعراء أحمد شوقي بك قصيدة يصف فيها أحمد حسنين المغامر والرحالة الذي اكتشف واحتي أركينو والعوينات المفقودتين في الصحراء الغربية، وكطيار جريء قام بأكثر من محاولةٍ للطيران من مصر إلى أوروبا. وكانت هذه القصيدة تدرس للتلاميذ في كتب المطالعة
حادثة وفاة أحمد حسنين
وكان أحمد حسنين شخصاً شديد الذكاء والتحضر، واهتم بأناقته، ففي ظهر يوم ١٩٩ فبراير شباط عام ١٩٤٦، كان أحمد حسنين مدعواً على الغداء في بيت أحد أصدقائه، لكن الأعمال تراكمت عليه في مكتبه بقصر عابدين، وأدرك أنه لن يمكنه اللحاق بموعد الغداء، فاعتذر لصاحبه وأكمل بقية أعماله وفي الساعة الثالثة ظهراً غادر أحمد حسنين قصر عابدين في سيارته متجهاً إلى بيته في الدقي. وعندما كانت السيارة تعبر كوبري قصر النيل، فجأة وبلا مقدمات جاءت من الناحية الأخرى المضادة سيارة "لوري" تابعة لقوات الجيش الإنجليزي بسرعة جنونية، ودار "اللوري" الإنجليزي في لحظة حول سيارة أحمد حسنين وصدمها صدمة هائلة. والتفت سائق سيارة حسنين مذعوراً إلى الخلف، وقال أحمد حسنين: "يا ساتر.. يا ساتر يارب"وتقهقرت سيارة "اللوري" الإنجليزية إلي الخلف بعد أن ارتبك سائقها، ودار نصف دورة حول سيارة أحمد حسنين، ففوجئ بسيارة قادمة من الاتجاه الآخر، فعاد إلى الخلف مرة أخري ليصدم سيارة أحمد حسنين مرة ثانية.. وكان أحمد حسنين قد انحنى قليلاً في مكانه بالسيارة وبدأ الدم ينزف من أنفه
وتصادف مرور سيارة أحمد عبد الغفار وزير الزراعة، فأسرع بنقل أحمد حسنين بسيارته إلى مستشفى الأنجلو أمريكان، لكن روح أحمد حسنين فاضت إلى بارئها في الطريق إلى المستشفى، فنقلوا جثمانه من المستشفى إلى بيته في الدقي جثة هامدة. وخرجت صحف مصر والصحف العالمية في اليوم التالي تحمل أخبار الحادث الذي راح ضحية له أحمد باشا حسنين رئيس الديوان الملكي
مكتشف الواحات المفقوده (صفحات من رحلة السفارى فى صحراء مصر الغربية)
حكايتنا اليوم عن مستكشف مصرى عظيم ضاع أسمه وأندثر ولا يعرفه سوى الباحثين الجغرافيين والجمعية الجغرافية الأنجليزية لأنه كان من الباشوات وينتمى للأسره المالكه وكان رئيسا للديوان الملكى فى عهد الملك فاروق هو بطلنا أحمد حسنين باشا
يوم 19/4/19233م تحرك المستكشف المصري العظيم أحمد باشا حسنين من واحة الكفرة بليبيا يقود قافلة مكونة من تسعة عشر فردا منهم ثلاثة من قبيلة التبو وعدد سبعة وعشرون جملا متجهين إلي الجنوب إلي المجهول إلي أرض لم تطأها قدم عربي أو أوروبي من قبل وأثناء خروجه من الكفرة كان الوداع من أهلها خليط من الخوف والأمل مع الدعاء المخلص بالسلامة والتوفيق في هذه المهمة المجهولة النتائج والتي لم يتمكن أحد من زعماء ومشايخ القبائل الليبية من اقناع أحمد باشا بعدم القيام بها فقد كان في قرارة نفسه قد صمم وعقد العزم وكان الجو حارا جدا وأشعة الشمس حارقة وهو ما كان يجبر الجمال لثقل حمولتها علي التوقف ثم تبرك للراحة وقد لاحظ أن رجال التبو كانوا يتعاملون مع هذا الموقف بأسلوب خاص بهم توارثوه ..وهو وضع الإبهام علي وريد بجبهة الجمل والضغط بقوة مما كان له مفعول سحري غريب علي الجمال فكانت تنهض فورا وتنطلق حتي لا تتسبب في توقف وتعطيل القافلة مما قد يؤدي إلي توابع أبسطها التأثير علي كمية المياه والطعام المتوفرة بالقافلة والمرتبطة بحسابات دقيقة.
الواحات المفقودة : جبال وواحة أركينو المجهولة
وبعد خمسة أيام مرهقة للغاية وسط جفاف وقحولة شديدة وتضاريس قاسية أي فجر يوم الثالث وعشرون من أبريل ألف وتسعمائة ثلاثة وعشرون وقع بصر أحمد باشا علي جبال وواحة أركينو المجهولة والتي لم يرها أحد من قبله ولم توقع علي أي خريطة فهذا القطاع بالكامل مجهول للعالم أجمع فكان اكتشافه الأول لواحة مفقودة وبعد مائة وعشرة أيام من مغادرته للسلوم شمال غرب مصر ...وسجل في مذكراته والتي طبعت ككتاب رائع تحت عنوان 'الواحات المفقودة' باللغة العربية والإنجليزية أن جبال هذه الواحة ارتفاعها خمسمائة متر من الجرانيت الوردي وأن مياه العيون بها غير مستساغة ومصدرها الأمطار والتي تتجمع في الشقوق والتجاويف المنتشرة هنا وهناك وليست من ابار جوفية وأن هذه الواحة مرتفعة علي غير الحال في جميع واحات صحراء مصر الغربية والتي تقع بمنخفضات وبعد إقامة خمسة أيام بالواحة قام خلالها بتسجيل إحداثياتها وأبعادها مع تجميع عينات من تربتها وصخورها وترقيمها لإثبات هذا الاكتشاف وتسجيله باسمه
كان أحمد حسنين بطلاً دولياً في الشيش وممثل العرب الوحيد في دورة استكهولم التي جرت عام 1912 وكان في ذلك الوقت طالباً في انجلترا،.وهو ما أثار فزع الأمير محمد علي توفيق حينما تحداه ذات يومٍ للمبارزة. وقد جرى تعيينه سكرتيراً أول للمفوضية المصرية بواشنطن، بعدها نِقلَ إلى المنصب نفسه في سفارة لندن. وقد نجح في جذب قلب لطفية هانم -ابنة الأميرة شويكار وسيف الله يسري باشا- وتم له الزواج منها. بعدها عُينَ عام 1926 أميناً أول في قصر عابدين، ولما سافر الملك فؤاد في رحلته إلى أوروبا اصطحبه معه.
أصدر أحمد حسنين باشا كتابه "الواحات المفقودة" باللغة الإنجليزية عام 19255، ثم ترجمه أمير نبيه وعبد الرحمن حجازي في عام 2006 ضمن سلسلة المشروع القومي للترجمة عن المجلس الأعلى للثقافة في مصر. وقد نظم أمير الشعراء أحمد شوقي بك قصيدة يصف فيها أحمد حسنين المغامر والرحالة الذي اكتشف واحتي أركينو والعوينات المفقودتين في الصحراء الغربية، وكطيار جريء قام بأكثر من محاولةٍ للطيران من مصر إلى أوروبا. وكانت هذه القصيدة تدرس للتلاميذ في كتب المطالعة
حادثة وفاة أحمد حسنين
وكان أحمد حسنين شخصاً شديد الذكاء والتحضر، واهتم بأناقته، ففي ظهر يوم ١٩٩ فبراير شباط عام ١٩٤٦، كان أحمد حسنين مدعواً على الغداء في بيت أحد أصدقائه، لكن الأعمال تراكمت عليه في مكتبه بقصر عابدين، وأدرك أنه لن يمكنه اللحاق بموعد الغداء، فاعتذر لصاحبه وأكمل بقية أعماله وفي الساعة الثالثة ظهراً غادر أحمد حسنين قصر عابدين في سيارته متجهاً إلى بيته في الدقي. وعندما كانت السيارة تعبر كوبري قصر النيل، فجأة وبلا مقدمات جاءت من الناحية الأخرى المضادة سيارة "لوري" تابعة لقوات الجيش الإنجليزي بسرعة جنونية، ودار "اللوري" الإنجليزي في لحظة حول سيارة أحمد حسنين وصدمها صدمة هائلة. والتفت سائق سيارة حسنين مذعوراً إلى الخلف، وقال أحمد حسنين: "يا ساتر.. يا ساتر يارب"وتقهقرت سيارة "اللوري" الإنجليزية إلي الخلف بعد أن ارتبك سائقها، ودار نصف دورة حول سيارة أحمد حسنين، ففوجئ بسيارة قادمة من الاتجاه الآخر، فعاد إلى الخلف مرة أخري ليصدم سيارة أحمد حسنين مرة ثانية.. وكان أحمد حسنين قد انحنى قليلاً في مكانه بالسيارة وبدأ الدم ينزف من أنفه
وتصادف مرور سيارة أحمد عبد الغفار وزير الزراعة، فأسرع بنقل أحمد حسنين بسيارته إلى مستشفى الأنجلو أمريكان، لكن روح أحمد حسنين فاضت إلى بارئها في الطريق إلى المستشفى، فنقلوا جثمانه من المستشفى إلى بيته في الدقي جثة هامدة. وخرجت صحف مصر والصحف العالمية في اليوم التالي تحمل أخبار الحادث الذي راح ضحية له أحمد باشا حسنين رئيس الديوان الملكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق