احداث هذه القصة وقعت فى ستينات القرن الماضى..أستدعانى قائد الألاى الثانى
سيارات حدود على وجه السرعة لأمر هام وعاجل
تمام يافندم ..تجهز شنطتك يا حضرة اليوزباشى وتطلع فى
التو اللحظة تستلم كتيبة حمدون فى سيوة ..الأهالى بيشتكوا من سوء المعامله ودى
شكاوى ومحاضر اللى أرسلوها لرئيس الجمهورية ووزير الحربية ومجلس الأمه خدها معاك
وأنت مسافر اقرأها كويس وحقق فيها وحاول تتجنب المشاكل الوارده بها
لم يعطنى فرصة للنقاش وفى خلال ساعتين كنت على طريق
مطروح سيوه وفتحت الشكاوى لكسر الملل وطول الطريق .. وكل ما أقرأ شكوى اضعها جانبا
وانا اضرب كف بكف وأقول الله يكون فى عونك ياحمدون يا خويا وهذه عينه من الشكاوى
..وعليها تأشيرة مدير الحدود بحظر استخدام السيارات داخل الواحة فقد ورد بها ان
الأهالى فى خوف ورعب على اولادهم من حركة السيارات التى تجرى بسرعة فائقة لتهدد
حياتهم للخطر.. الشكوى التى تليها بان الضباط والجنود يجوبون الشوارع ليل نهار
سيرا على الأقدام وهو يعرض نسائهم وبناتهم للفتنه .. ياولاد الـ .. طلبتم منع
السيارات فساروا على الأقدام وتطلبون منعهم من السير .. لالالا ده أخرة الأستهبال وشكوى
ثانية بأن المعسكر بيستخدم ميكرو فون صوته يقلق راحتهم فتم رفعه وعشرات الشكاوى
التى تطالب برحيل 55 ضابط وجندى خارج الواحة بسب الأضطهاد والسير فى الطريق والفسق
والفجور .. والغريب أن كل شكوى بها كشوفات بأسماء الشاكين وارقام بطاقتهم وعدد لا
حصر له من التلغرافات لجميع الجهات وبعد خمس ساعات وصلت لمدخل الواحة فوجدت حمدون
لامم عفشه ومنتظر وصولى فحضننى وهو يدعو لى بالتوفيق وقال لى ان وراء هذه الشكاوى
هو العمده لأن المعسكر مقام بالقرب من بيته وبيدعى أن الأرض ملكه .. أعطانى مفاتيح
مكتبه والأستراحة وقالى عندك قائد ثانى ماضى على العهدة.. سلام وركب سيارته وأنطلق
بأقصى سرعة زى ماتقول ماصدق وخلع.. فى الثلاثة أيام الأولى حققت فى الشكاوى
فوجدتها جميعها كيدية فقال لى احد المساعدين الذين عاشوا فى الواحة مده طويله: سكان
الواحة ياباشا كييفة شكاوى لو شافوا واحد راكب حمارة ورايح ناحية البوسته يسألوه
رايح البوستة ليه يا فلان يقوله العمده باعتنى علشان يبعث شكوى .. فى مين يافلان
يقول ماعرفش فى اى حد وخلاص .. خد آدى نص ريال وحط اسمى معاهم
-
عقدت مؤتمر لكل العاملين لوقف سيل الشكاوى
فكانت عدة مقترحات منها أن احنا نكتب شكاوى مضاده وآخر قال نقبض على العمده لأنه
أصل البلاء وأخر قال نعمل قاعدة صلح مع الأهالى وأستقر الرأى فى النهاية أن نقوم
بعمل عزومه للعمدة ورؤساء العشائر.. فقال رأى معارض أهل الواحة شبعانين أكل خضار
ولحمة وطيور قال مفيش غيرالجاتوه وهذا الصنف لا يعرفونه بالمرة.. أمرتهم بأحضار
شيف المطبخ وسألته : تعرف تعمل تورته وجاتوه وحلويات شامية
-
أيوه ياباشا أحسن من أى حلوانى فى مصر
-
أكتب كشف بطلباتك لتوفيرها ..كل حاجة موجوده
عندنا غير شوية حاجات بسيطة
تقدر تعمل 500 قطعة جاتوه و10 تورتات فى قد
أيه.. 3 أيام ويمكن أقل .. على البركة وأرسلت فى طلب العمده فحضر ومعه لفيف من
أكابر البلد ودار الحوار على سيل الشكاوى فقلت له : اسمع ياعمده جميع شكواكم قدامى
اهم يعنى الشكوى حتلف تلف وحتيجى عندى .. مانختصر الأمور ولو فيه أى شكوى مفيش
داعى تطلع بره ومانشرش غسيلنا الوسخ .. المسؤلين أصبح عندهم يقين بأن شكياكم كلها
كيدية تضعكم تحت طائلة القانون وأنا مش حقبل كده .. نحط أيدينا فى أيدين بعض ونعمل
حفلة صلح بكره أنشاء الله أدعى فيها كل ناسك ياعمده.. ولاقت التورتات والجاتوه
أستحسان الجميع ومنحنا الكبار التورتات
وكمية من الجاتوه ليذوقها أهل بيتهم وأصبح الجاتوه والتورة مطلب ملح من مطالب
أهالى الواحة هذه الفكرة جائتنى من كتاب وصف واحات مصر للبرنس أحمد حسنين باشا
عندما زار الواحات الداخله عام 1922 فوجد أهلها يحتسون الخمر (عرق البلح) فقدموا
له الخمر فرفض وقام بعمل الشاى وكان أول مره يشرب سكان الواحات الشاى فأتفق مع
أهلها أن يرسل لهم قافلة كل 3 شهور من الشاى والسكر مقابل أن يمتنعوا عن الخمر
وكتب تقرير للملك فؤاد فوافق على الفور وأرسل مع القوافل شيوخ من الأزهر لتعليمهم
أصول دينهم ..فعندنا واحة أمتنعت عن الشكاوى بقوة الجاتوه وواحة أخرى أستبدلت
الخمر بالشاى
هذا درس لمن يعاملون سكان الحدود بغباء وقسوه
وعنف
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق